وَكَذَلِكَ سَائِرُ السَّلَفِ كَابْنِ الماجشون وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِمَا يُبَيِّنُونَ أَنَّ الْعِبَادَ لَا يَعْلَمُونَ كَيْفِيَّةَ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَالْكَيْفُ هُوَ التَّأْوِيلُ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ. وَأَمَّا نَفْسُ الْمَعْنَى الَّذِي بَيَّنَهُ اللَّهُ فَيَعْلَمُهُ النَّاسُ كُلٌّ عَلَى قَدْرِ فَهْمِهِ فَإِنَّهُمْ يَفْهَمُونَ مَعْنَى السَّمْعِ وَمَعْنَى الْبَصَرِ " وَأَنَّ مَفْهُومَ هَذَا لَيْسَ هُوَ مَفْهُومَ هَذَا وَيَعْرِفُونَ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعَلِيمِ وَالْقَدِيرِ وَإِنْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ كَيْفِيَّةَ سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ بَلْ الرُّوحُ الَّتِي فِيهِمْ يَعْرِفُونَهَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَلَا يَعْرِفُونَ كَيْفِيَّتَهَا كَذَلِكَ يَعْلَمُونَ مَعْنَى الِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ. وَأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ عُلُوَّ الرَّبِّ عَلَى عَرْشِهِ وَارْتِفَاعَهُ عَلَيْهِ كَمَا فَسَّرَهُ بِذَلِكَ السَّلَفُ قَبْلَهُمْ وَهَذَا مَعْنًى مَعْرُوفٌ مِنْ اللَّفْظِ لَا يُحْتَمَلُ فِي اللُّغَةِ غَيْرُهُ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ وَلِهَذَا قَالَ مَالِكٌ: الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ. وَمَنْ قَالَ: الِاسْتِوَاءُ لَهُ مَعَانٍ مُتَعَدِّدَةٌ فَقَدْ أَجْمَلَ كَلَامَهُ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: اسْتَوَى فَقَطْ. وَلَا يَصِلُونَهُ بِحَرْفِ وَهَذَا لَهُ مَعْنًى. وَيَقُولُونَ: اسْتَوَى عَلَى كَذَا وَلَهُ مَعْنًى وَاسْتَوَى إلَى كَذَا وَلَهُ مَعْنًى وَاسْتَوَى مَعَ كَذَا وَلَهُ مَعْنًى فَتَتَنَوَّعُ مَعَانِيهِ بِحَسَبِ صِلَاتِهِ. وَأَمَّا اسْتَوَى عَلَى كَذَا فَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَلُغَةِ الْعَرَبِ الْمَعْرُوفَةِ إلَّا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. قَالَ تَعَالَى: {فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} وَقَالَ {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} وَقَالَ: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} وَقَالَ: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute