عَنْ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي فَاتَتْ مِنْ حِينِ تَلَفِ الْحَرْثِ إلَى أَنْ يَعُودَ وَبِذَلِكَ أَفْتَى الزُّهْرِيُّ لِعُمَرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِيمَنْ كَانَ أَتْلَفَ لَهُ شَجَرًا فَقَالَ: يَغْرِسُهُ حَتَّى يَعُودَ كَمَا كَانَ وَقِيلَ: رَبِيعَةُ وَأَبُو الزِّنَادِ قَالَا: عَلَيْهِ الْقِيمَةُ فَغَلَّظَ الزُّهْرِيُّ الْقَوْلَ فِيهِمَا. وَهَذَا مُوجَبُ الْأَدِلَّةِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ ضَمَانُ الْمُتْلَفِ بِالْمِثْلِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ قَالَ تَعَالَى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} وَقَالَ: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} وَقَالَ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} وَقَالَ: {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} فَإِذَا أَتْلَفَ نَقْدًا أَوْ حُبُوبًا وَنَحْوَ ذَلِكَ أَمْكَنَ ضَمَانُهَا بِالْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ الْمُتْلَفُ ثِيَابًا أَوْ آنِيَةً أَوْ حَيَوَانًا فَهُنَا مِثْلُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَقَدْ يَتَعَذَّرُ. فَالْأَمْرُ دَائِرٌ بَيْنَ شَيْئَيْنِ: إمَّا أَنْ يَضْمَنَهُ بِالْقِيمَةِ وَهِيَ دَرَاهِمُ مُخَالِفَةٌ لِلْمُتْلَفِ فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ لَكِنَّهَا تُسَاوِيهِ فِي الْمَالِيَّةِ وَإِمَّا أَنْ يَضْمَنَهُ بِثِيَابِ مِنْ جِنْسِ ثِيَابِ الْمِثْلِ أَوْ آنِيَةٍ مِنْ جِنْسِ آنِيَتِهِ أَوْ حَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِ حَيَوَانِهِ مَعَ مُرَاعَاةِ الْقِيمَةِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَمَعَ كَوْنِ قِيمَتِهِ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ فَهُنَا الْمَالِيَّةُ مُسَاوِيَةٌ كَمَا فِي النَّقْدِ وَامْتَازَ هَذَا بِالْمُشَارَكَةِ فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ فَكَانَ ذَلِكَ أَمْثَلَ مِنْ هَذَا وَمَا كَانَ أَمْثَلَ فَهُوَ أَعْدَلُ فَيَجِبُ الْحُكْمُ بِهِ إذَا تَعَذَّرَ الْمِثْلُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.
وَنَظِيرُ هَذَا مَا ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ وَاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ مِنْ الْقِصَاصِ فِي اللَّطْمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute