وَالْعِقَابِ فِي هَذَا الْمَقَامِ كَالْمَحْذُورِ فِي كَثِيرِهِ فَإِنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يَلْحَقُهُ قَلِيلُ ذَلِكَ وَلَا كَثِيرُهُ بَلْ يَلْحَقُهُ ضِدُّ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ.
الثَّانِي: أَنَّ كَوْنَ حُكْمِ الْفِعْلِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ أُمُورٌ خَارِجَةٌ عَنْ الْفِعْلِ وَصِفَاتِهِ وَإِنَّمَا هِيَ أُمُورٌ إضَافِيَّةٌ بِحَسَبِ مَا عَرَضَ لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ مِنْ عَدَمِ الْعِلْمِ. وَاللَّفْظُ الْعَامُّ إنْ أُرِيدَ بِهِ الْخَاصُّ فَلَا بُدَّ مِنْ نَصْبِ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى التَّخْصِيصِ إمَّا مُقْتَرِنٍ بِالْخِطَابِ عِنْدَ مَنْ لَا يُجَوِّزُ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ وَإِمَّا مُوَسِّعٍ فِي تَأْخِيرِهِ إلَى حِينِ الْحَاجَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِهَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا مُحْتَاجِينَ إلَى مَعْرِفَةِ حُكْمِ الْخِطَابِ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ فِي لَعْنَةِ آكِلِ الرِّبَا وَالْمُحَلِّلِ وَنَحْوِهِمَا الْمُجْمَعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ - وَذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَكَلُّمِ الْأُمَّةِ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِ ذَلِكَ الْعَامِّ - لَكَانَ قَدْ أَخَّرَ بَيَانَ كَلَامِهِ إلَى أَنْ تَكَلَّمَ جَمِيعُ الْأُمَّةِ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِهِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ. (الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ إنَّمَا خُوطِبَتْ الْأُمَّةُ بِهِ لِتَعْرِفَ الْحَرَامَ فَتَجْتَنِبَهُ وَيَسْتَنِدُونَ فِي إجْمَاعِهِمْ إلَيْهِ؛ وَيَحْتَجُّونَ فِي نِزَاعِهِمْ بِهِ فَلَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ الْمُرَادَةُ هِيَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فَقَطْ لَكَانَ الْعِلْمُ بِالْمُرَادِ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجْمَاعِ فَلَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ فَلَا يَكُونُ مُسْتَنَدًا لِلْإِجْمَاعِ لِأَنَّ مُسْتَنَدَ الْإِجْمَاعِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ فَيَمْتَنِعُ تَأَخُّرُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute