فَبَقِيَ النِّزَاعُ فِي أَنَّ الْعَمَلَ الظَّاهِرَ هَلْ هُوَ جُزْءٌ مِنْ مُسَمَّى الْإِيمَانِ يَدُلُّ عَلَيْهِ بِالتَّضَمُّنِ أَوْ لَازِمٌ لِمُسَمَّى الْإِيمَانِ. وَ " التَّحْقِيقُ " أَنَّهُ تَارَةً يَدْخُلُ فِي الِاسْمِ وَتَارَةً يَكُونُ لَازِمًا لِلْمُسَمَّى - بِحَسَبِ إفْرَادِ الِاسْمِ وَاقْتِرَانِهِ - فَإِذَا قُرِنَ الْإِيمَانُ بِالْإِسْلَامِ كَانَ مُسَمَّى الْإِسْلَامِ خَارِجًا عَنْهُ كَمَا فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ وَإِنْ كَانَ لَازِمًا لَهُ وَكَذَلِكَ إذَا قُرِنَ الْإِيمَانُ بِالْعَمَلِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} فَقَدْ يُقَالُ: اسْمُ الْإِيمَانِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الْعَمَلُ وَإِنْ كَانَ لَازِمًا لَهُ؛ وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ دَخَلَ فِيهِ وَعُطِفَ عَلَيْهِ عَطْفَ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ؛ وَبِكُلِّ حَالٍ فَالْعَمَلُ تَحْقِيقٌ لِمُسَمَّى الْإِيمَانِ وَتَصْدِيقٌ لَهُ وَلِهَذَا قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ - كَالشَّيْخِ أَبِي إسْمَاعِيلَ الْأَنْصَارِيِّ؟ وَغَيْرِهِ -: الْإِيمَانُ كُلُّهُ تَصْدِيقٌ فَالْقَلْبُ يُصَدِّقُ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، وَاللِّسَانُ يُصَدِّقُ مَا فِي الْقَلْبِ، وَالْعَمَلُ يُصَدِّقُ الْقَوْلَ كَمَا يُقَالُ: صَدَّقَ عَمَلُهُ قَوْلَهُ. وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالْأُذُنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا السَّمْعُ وَالْيَدُ تَزْنِي وَزِنَاهَا الْبَطْشُ وَالرِّجْلُ تَزْنِي وَزِنَاهَا الْمَشْيُ وَالْقَلْبُ يَتَمَنَّى وَيَشْتَهِي وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ} وَالتَّصْدِيقُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْخَبَرِ وَفِي الْإِرَادَةِ يُقَالُ: فُلَانٌ صَادِقُ الْعَزْمِ وَصَادِقُ الْمَحَبَّةِ وَحَمَلُوا حَمْلَةً صَادِقَةً.
وَ " السَّلَفُ " اشْتَدَّ نَكِيرُهُمْ عَلَى الْمُرْجِئَةِ لَمَّا أَخْرَجُوا الْعَمَلَ مِنْ الْإِيمَانِ وَقَالُوا إنَّ الْإِيمَانَ يَتَمَاثَلُ النَّاسُ فِيهِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ قَوْلَهُمْ بِتَسَاوِي إيمَانِ النَّاسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute