للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَمَا يُقَالُ عَدَّلْته إذَا جَعَلْته عَدْلًا فِي نَفْسِهِ أَوْ فِي اعْتِقَادِ النَّاسِ قَالَ تَعَالَى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} أَيْ تُخْبِرُوا بِزَكَاتِهَا وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} وَلِهَذَا قَالَ: {هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} وَكَانَ اسْمُ زَيْنَبَ بَرَّةَ فَقِيلَ تُزَكِّي نَفْسَهَا فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} أَيْ يَجْعَلُهُ زَاكِيًا وَيُخْبِرُ بِزَكَاتِهِ كَمَا يُزَكِّي الْمُزَكِّي الشُّهُودَ فَيُخْبِرُ بِعَدْلِهِمْ. وَ " الْعَدْلُ " هُوَ الِاعْتِدَالُ وَالِاعْتِدَالُ هُوَ صَلَاحُ الْقَلْبِ كَمَا أَنَّ الظُّلْمَ فَسَادُهُ وَلِهَذَا جَمِيعُ الذُّنُوبِ يَكُونُ الرَّجُلُ فِيهَا ظَالِمًا لِنَفْسِهِ وَالظُّلْمُ خِلَافُ الْعَدْلِ فَلَمْ يَعْدِلْ عَلَى نَفْسِهِ؛ بَلْ ظَلَمَهَا؛ فَصَلَاحُ الْقَلْبِ فِي الْعَدْلِ وَفَسَادُهُ فِي الظُّلْمِ وَإِذَا ظَلَمَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ فَهُوَ الظَّالِمُ وَهُوَ الْمَظْلُومُ كَذَلِكَ إذَا عَدَلَ فَهُوَ الْعَادِلُ وَالْمَعْدُولُ عَلَيْهِ فَمِنْهُ الْعَمَلُ وَعَلَيْهِ تَعُودُ ثَمَرَةُ الْعَمَلِ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ. قَالَ تَعَالَى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} . وَالْعَمَلُ لَهُ أَثَرٌ فِي الْقَلْبِ مِنْ نَفْعٍ وَضُرٍّ وَصَلَاحٍ قَبْلَ أَثَرِهِ فِي الْخَارِجِ فَصَلَاحُهَا عَدْلٌ لَهَا وَفَسَادُهَا ظُلْمٌ لَهَا قَالَ تَعَالَى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} وَقَالَ تَعَالَى: {إنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إنَّ لِلْحَسَنَةِ لَنُورًا فِي الْقَلْبِ وَقُوَّةً فِي الْبَدَنِ وَضِيَاءً فِي الْوَجْهِ وَسَعَةً فِي الرِّزْقِ وَمَحَبَّةً فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ وَإِنَّ لِلسَّيِّئَةِ لَظُلْمَةً فِي