ثُمَّ إنَّهُ لَمَّا طَالَ الْأَمَدُ صَارَ فِي طَوَائِفِ الْمُتَكَلِّمَةِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ مَنْ يُنْكِرُ هَذِهِ الْمَحَبَّةَ. وَصَارَ فِي بَعْضِ الْمُتَصَوِّفَةِ مَنْ يَطْلُبُ تَحْرِيكَهَا بِأَنْوَاعِ مِنْ سَمَاعِ الْحَدِيثِ كَالتَّغْيِيرِ وَسَمَاعِ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ فَيَسْمَعُونَ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَشْعَارِ مَا فِيهِ تَحْرِيكُ جِنْسِ الْحُبِّ الَّذِي يُحَرِّكُ مِنْ كُلِّ قَلْبٍ مَا فِيهِ مِنْ الْحُبِّ بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِمُحِبِّ الْأَوْثَانِ وَالصُّلْبَانِ وَالْإِخْوَانِ وَالْأَوْطَانِ والمردان وَالنِّسْوَانِ كَمَا يَصْلُحُ لِمُحِبِّ الرَّحْمَنِ وَلَكِنْ كَانَ الَّذِينَ يَحْضُرُونَهُ مِنْ الشُّيُوخِ يَشْتَرِطُونَ لَهُ الْمَكَانَ وَالْإِمْكَانَ وَالْخُلَّانَ. وَرُبَّمَا اشْتَرَطُوا لَهُ الشَّيْخَ الَّذِي يَحْرُسُ مِنْ الشَّيْطَانِ ثُمَّ تَوَسَّعَ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُمْ حَتَّى خَرَجُوا فِيهِ إلَى أَنْوَاعٍ مِنْ الْمَعَاصِي بَلْ إلَى أَنْوَاعٍ مِنْ الْفُسُوقِ؛ بَلْ خَرَجَ فِيهِ طَوَائِفُ إلَى الْكُفْرِ الصَّرِيحِ بِحَيْثُ يَتَوَاجَدُونَ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنْ الْأَشْعَارِ الَّتِي فِيهَا الْكُفْرُ وَالْإِلْحَادُ مِمَّا هُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ وَيُنْتِجُ ذَلِكَ لَهُمْ مِنْ الْأَحْوَالِ بِحَسْبِهِ كَمَا تُنْتِجُ لِعُبَّادِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ عِبَادَاتِهِمْ بِحَسَبِهَا. وَاَلَّذِي عَلَيْهِ محققوا الْمَشَايِخِ أَنَّهُ كَمَا قَالَ الْجُنَيْد رَحِمَهُ اللَّهُ مَنْ تَكَلَّفَ السَّمَاعَ فُتِنَ بِهِ وَمَنْ صَادَفَهُ السَّمَاعُ اسْتَرَاحَ بِهِ. وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ الِاجْتِمَاعُ لِهَذَا السَّمَاعِ الْمُحْدَثِ وَلَا يُؤْمَرُ بِهِ وَلَا يُتَّخَذُ ذَلِكَ دِينًا وَقُرْبَةً فَإِنَّ الْقُرَبَ وَالْعِبَادَاتِ إنَّمَا تُؤْخَذُ عَنْ الرُّسُلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ فَكَمَا أَنَّهُ لَا حَرَامَ إلَّا مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَلَا دِينَ إلَّا مَا شَرَعَهُ اللَّهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute