أَحَبّ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً إلَى مَحْبُوبِهِ وَلَيْسَ هَذَا حُبًّا لِلَّهِ وَلَا لِذَاتِ الْمَحْبُوبِ. وَعَلَى هَذَا تَجْرِي عَامَّةُ مَحَبَّةِ الْخَلْقِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ وَهَذَا لَا يُثَابُونَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يَنْفَعُهُمْ بَلْ رُبَّمَا أَدَّى ذَلِكَ إلَى النِّفَاقِ وَالْمُدَاهَنَةِ فَكَانُوا فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْأَخِلَّاءِ الَّذِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ عَدُوٌّ إلَّا الْمُتَّقِينَ. وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُمْ فِي الْآخِرَةِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَلِلَّهِ وَحْدَهُ وَأَمَّا مَنْ يَرْجُو النَّفْعَ وَالنَّصْرَ مِنْ شَخْصٍ ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ لِلَّهِ فَهَذَا مِنْ دَسَائِسِ النُّفُوسِ وَنِفَاقِ الْأَقْوَالِ. وَإِنَّمَا يَنْفَعُ الْعَبْدَ الْحُبُّ لِلَّهِ لِمَا يُحِبُّهُ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ كَالْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لِكَوْنِ حُبِّهِمْ يُقَرِّبُ إلَى اللَّهِ وَمَحَبَّتِهِ وَهَؤُلَاءِ هُمْ الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَ مَحَبَّةَ اللَّهِ لَهُمْ. وَنَبِيُّنَا كَانَ يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ وَيَدَعُ آخَرِينَ هُمْ أَحَبّ إلَيْهِ مِنْ الَّذِي يُعْطِي؛ يَكِلُهُمْ إلَى مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الْإِيمَانِ وَإِنَّمَا كَانَ يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الْهَلَعِ وَالْجَزَعِ؛ لِيَكُونَ مَا يُعْطِيهِمْ سَبَبًا لِجَلْبِ قُلُوبِهِمْ إلَى أَنْ يُحِبُّوا الْإِسْلَامَ فَيُحِبُّوا اللَّهَ فَكَانَ مَقْصُودُهُ بِذَلِكَ دَعْوَةَ الْقُلُوبِ إلَى حُبّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصَرْفِهَا عَنْ ضِدِّ ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا كَانَ يُعْطِي أَقْوَامًا خَشْيَةَ أَنْ يَكُبَّهُمْ اللَّهُ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ فَمَنَعَهُمْ بِذَلِكَ الْعَطَاءِ عَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute