للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَهًا وَاحِدًا. وَلِهَذَا وَصَفَهُمْ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ بِالشِّرْكِ تَارَةً وَجَعَلَهُمْ قِسْمًا غَيْرَ الْمُشْرِكِينَ تَارَةً؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ الْأَمْرَيْنِ وَإِنْ كَانُوا مُتَنَاقِضَيْنِ. وَهَكَذَا حَالُ هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَقُولُوا بِالِاتِّحَادِ وَأَنَّهُ مَا ثَمَّ غَيْرُ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُثْبِتُوا وُجُودَ الْعَالَمِ؛ فَجَعَلُوا ثُبُوتَ الْعَالَمِ فِي عِلْمِهِ وَهُوَ شَاهِدٌ لَهُ وَجَعَلُوهُ مُتَجَلِّيًا لِذَلِكَ الْمَشْهُودِ لَهُ فَإِذَا تَجَلَّى فِيهِ كَانَ هُوَ الْمُتَجَلِّيَ لَا غَيْرُهُ وَكَانَتْ تِلْكَ الْأَعْيَانُ الْمَشْهُودَةُ هِيَ الْعَالَمَ.

وَهَذَا الرَّجُلُ وَابْنُ عَرَبِيٍّ: يَشْتَرِكَانِ فِي هَذَا وَلَكِنْ يَفْتَرِقَانِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.

فَإِنَّ ابْنَ عَرَبِيٍّ يَقُولُ: وُجُودُ الْحَقِّ ظَهَرَ فِي الْأَعْيَانِ الثَّابِتَةِ فِي نَفْسِهَا. فَإِنْ شِئْت قُلْت هُوَ الْحَقُّ وَإِنْ شِئْت قُلْت هُوَ الْخَلْقُ وَإِنْ شِئْت قُلْت هُوَ الْحَقُّ وَالْخَلْقُ وَإِنْ شِئْت قُلْت لَا حَقَّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَا خَلْقَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَإِنْ شِئْت قُلْت بِالْحَيْرَةِ فِي ذَلِكَ.

وَأَمَّا هَذَا فَإِنَّهُ يَقُولُ: تَجَلَّى الْأَعْيَانُ الْمَشْهُودَةُ لَهُ فَقَدْ قَالَا فِي جَمِيعِ الْخَلْقِ مَا يُشْبِهُ قَوْلَ مَلَكِيَّةِ النَّصَارَى فِي الْمَسِيحِ حَيْثُ قَالُوا: بِأَنَّ اللَّاهُوتَ وَالنَّاسُوتَ صَارَا جَوْهَرًا وَاحِدًا لَهُ أُقْنُومَانِ. وَأَمَّا التلمساني فَإِنَّهُ لَا يُثْبِتُ تَعَدُّدًا بِحَالِ؛ فَهُوَ مِثْلُ يَعَاقِبَةِ النَّصَارَى وَهُمْ أَكْفَرُهُمْ وَالنَّصَارَى قَالُوا بِذَلِكَ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ وَقَالُوا: إنَّ اللَّاهُوتَ يَتَدَرَّعُ بِالنَّاسُوتِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَدَرِّعًا بِهِ.