للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: الآب وَالِابْنُ وَرُوحُ الْقُدُسِ ثَلَاثَةُ آلِهَةٍ وَهِيَ إلَهٌ وَاحِدٌ. وَالْمُتَدَرِّعُ بِنَاسُوتِ الْمَسِيحِ هُوَ الِابْنُ وَيَقُولُونَ: هِيَ الْوُجُودُ وَالْعِلْمُ وَالْحَيَاةُ وَالْقُدْرَةُ. فَيُقَالُ لَهُمْ: إنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَاتٌ فَلَيْسَتْ آلِهَةً وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَدَرِّعُ بِالْمَسِيحِ إلَهًا إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الآب وَإِنْ كَانَتْ جَوَاهِرَ: وَجَبَ أَنْ لَا تَكُونَ إلَهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الْجَوَاهِرَ الثَّلَاثَةَ لَا تَكُونُ جَوْهَرًا وَاحِدًا وَقَدْ يُمَثِّلُونَ ذَلِكَ بِقَوْلِنَا زَيْدٌ الْعَالِمُ الْقَادِرُ الْحَيُّ فَهُوَ بِكَوْنِهِ عَالِمًا لَيْسَ هُوَ بِكَوْنِهِ قَادِرًا. فَإِذَا قِيلَ لَهُمْ هَذَا كُلُّهُ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ ذَاتًا وَاحِدَةً لَهَا صِفَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ ذَلِكَ. وَأَيْضًا: فَالْمُتَّحِدُ بِالْمَسِيحِ إذَا كَانَ إلَهًا: امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ صِفَةً وَإِنَّمَا يَكُونُ هُوَ الْمَوْصُوفَ؛ وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ بِذَاكَ فَمَا هُوَ الْحَقُّ لَا تَقُولُونَهُ: وَمَا تَقُولُونَهُ لَيْسَ بِحَقِّ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلَّا الْحَقَّ} . فَالنَّصَارَى حَيَارَى مُتَنَاقِضُونَ إنْ جَعَلُوا الْأُقْنُومَ صِفَةً امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ الْمَسِيحُ إلَهًا وَإِنْ جَعَلُوهُ جَوْهَرًا امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ الْإِلَهُ وَاحِدًا وَهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَجْعَلُوا الْمَسِيحَ اللَّهَ وَيَجْعَلُوهُ ابْنَ اللَّهِ وَيَجْعَلُوا الآب وَالِابْنَ وَرُوحَ الْقُدُسِ