للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّسُولَ دَعَاهُمْ وَهُوَ طَلَبٌ مِنْهُ فَكَانَ هَذَا اللَّفْظُ مُتَضَمِّنًا قِيَامَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ بِالرُّسُلِ وَالرُّسُلُ إنَّمَا يَدْعُونَهُمْ لِمَا تَزْكُو بِهِ أَنْفُسُهُمْ. وَمِمَّا يَلِيقُ: أَنَّ الزَّكَاةَ تَسْتَلْزِمُ الطَّهَارَةَ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا مَعْنَى الطَّهَارَةِ. قَوْلُهُ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} مِنْ الشَّرِّ {وَتُزَكِّيهِمْ} بِالْخَيْرِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي بِالْمَاءِ وَالْبَرَدِ وَالثَّلْجِ} كَانَ يَدْعُو بِهِ فِي الِاسْتِفْتَاحِ وَفِي الِاعْتِدَالِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالْغُسْلِ. فَهَذِهِ الْأُمُورُ تُوجِبُ تَبْرِيدَ الْمَغْسُولِ بِهَا وَ " الْبَرَدُ " يُعْطِي قُوَّةً وَصَلَابَةً وَمَا يَسُرُّ يُوصَفُ بِالْبَرَدِ وَقُرَّةِ الْعَيْنِ وَلِهَذَا كَانَ دَمْعُ السُّرُورِ بَارِدًا وَدَمْعُ الْحُزْنِ حَارًّا؛ لِأَنَّ مَا يَسُوءُ النَّفْسَ يُوجِبُ حُزْنَهَا وَغَمَّهَا وَمَا يَسُرُّهَا يُوجِبُ فَرَحَهَا وَسُرُورَهَا وَذَلِكَ مِمَّا يُبَرِّدُ الْبَاطِنَ. فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَغْسِلَ الذُّنُوبَ عَلَى وَجْهٍ يُبَرِّدُ الْقُلُوبَ أَعْظَمَ بَرْدٍ يَكُونُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ الَّذِي أَزَالَ عَنْهُ مَا يَسُوءُ النَّفْسَ مِنْ الذُّنُوبِ. وَقَوْلُهُ: " بِالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَالْمَاءِ الْبَارِدِ " تَمْثِيلٌ بِمَا فِيهِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ وَإِلَّا فَنَفْسُ الذُّنُوبِ لَا تُغْسَلُ بِذَلِكَ كَمَا يُقَالُ: أَذِقْنَا بَرْدَ عَفْوِك وَحَلَاوَةَ مَغْفِرَتِكَ. {وَلَمَّا قَضَى أَبُو قتادة دَيْنَ الْمَدِينِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآنَ