للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الَّتِي فَازَ بِالسَّعَادَةِ عَالِمُهَا وَخَابَ بِالشَّقَاوَةِ جَاهِلُهَا وَرَأْسُ مَالِ السَّادَةِ وَغَايَةُ الْعَالِمِ الْمُنْصِفِ مِنْكُمْ: أَنْ يَعْتَرِفَ بِعَجْزِ مِيزَانِكُمْ عَنْهُ. وَأَمَّا عَوَامُّ عُلَمَائِكُمْ فَيُكَذِّبُونَ بِهِ وَيَرُدُّونَهُ وَإِنْ كَانَ مَنْطِقُكُمْ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ فَلَسْتُمْ بِتَحْرِيفِ أَمْرِ مَنْطِقِكُمْ أَحْسَنَ حَالًا مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي تَحْرِيفِ كِتَابِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ فِي الْأَصْلِ حَقٌّ هَادٍ؛ لَا رَيْبَ فِيهِ، فَهَذَا هَذَا وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ.

وَأَيْضًا هُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُفِيدُ إلَّا أُمُورًا كُلِّيَّةً مُقَدَّرَةً فِي الذِّهْنِ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ بِشَيْءِ مَوْجُودٍ مُحَقَّقٍ فِي الْخَارِجِ إلَّا بِتَوَسُّطِ شَيْءٍ آخَرَ غَيْرِهِ. وَالْأُمُورُ الْكُلِّيَّةُ الذِّهْنِيَّةُ لَيْسَتْ هِيَ الْحَقَائِقَ الْخَارِجِيَّةَ وَلَا هِيَ أَيْضًا عِلْمًا بِالْحَقَائِقِ الْخَارِجِيَّةِ إذْ لِكُلِّ مَوْجُودٍ حَقِيقَةٌ يَتَمَيَّزُ بِهَا عَنْ غَيْرِهِ، هُوَ بِهَا هُوَ، وَتِلْكَ لَيْسَتْ كُلِّيَّةً فَالْعِلْمُ بِالْأَمْرِ الْمُشْتَرَكِ لَا يَكُونُ عِلْمًا بِهَا فَلَا يَكُونُ فِي الْقِيَاسِ الْمَنْطِقِيِّ عِلْمَ تَحْقِيقِ شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

وَأَيْضًا هُمْ يَطْعَنُونَ فِي قِيَاسِ التَّمْثِيلِ. أَنَّهُ لَا يُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ وَرُبَّمَا تَكَلَّمُوا عَلَى بَعْضِ الْأَقْيِسَةِ الْفَرْعِيَّةِ أَوْ الْأَصْلِيَّةِ الَّتِي تَكُونُ مُقَدِّمَاتُهَا ضَعِيفَةً أَوْ مَظْنُونَةً مِثْلَ كَلَامِ السهروردي الْمَقْتُولِ عَلَى الزَّنْدَقَةِ صَاحِبِ " التَّلْوِيحَاتُ " و " الْأَلْوَاحُ " و " حِكْمَةُ الْإِشْرَاقِ ". وَكَانَ فِي فَلْسَفَتِهِ مُسْتَمِدًّا مِنْ الرُّومِ الصَّابِئِينَ وَالْفُرْسِ