للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الطَّاعَاتُ الْعَقْلِيَّةُ - وَلَيْسَ الْغَرَضُ بِتَسْمِيَتِهَا عَقْلِيَّةً إثْبَاتَ كَوْنِ الْعَقْلِ يُحَسِّنُ وَيُقَبِّحُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ؛ بَلْ الْغَرَضُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ الْعَقْلِيِّ الَّذِي هُوَ جَلْبُ الْمَنَافِعِ وَدَفْعُ الْمَضَارِّ وَإِنَّمَا الْغَرَضُ اتِّفَاقُ الْعُقَلَاءِ عَلَى مَدْحِهَا - مِثْلَ الصِّدْقِ وَالْعَدْلِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَالْإِحْسَانِ إلَى النَّاسِ بِالْمَالِ وَالْمَنَافِعِ وَمِثْلَ الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ الْمُطْلَقَةِ وَالْوَرَعِ الْمُطْلَقِ وَالزُّهْدِ الْمُطْلَقِ مِثْلَ جِنْسِ التَّأَلُّهِ وَالْعِبَادَةِ وَالتَّسْبِيحِ وَالْخُشُوعِ وَالنُّسُكِ الْمُطْبَقِ بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ أَنْ يَكُونَ لِأَيِّ مَعْبُودٍ كَانَ وَبِأَيِّ عِبَادَةٍ كَانَتْ فَإِنَّ هَذَا الْجِنْسَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْآدَمِيِّينَ مَا مِنْهُمْ إلَّا مَنْ يَمْدَحُ جِنْسَ التَّأَلُّهِ مَعَ كَوْنِ بَعْضِهِ فِيهِ مَا يَكُونُ صَالِحًا حَقًّا وَبَعْضُهُ فِيهِ مَا يَكُونُ فَاسِدًا بَاطِلًا. وَكَذَلِكَ الْوَرَعُ الْمُشْتَرَكُ مِثْلَ الْكَفِّ عَنْ قَتْلِ النَّفْسِ مُطْلَقًا وَعَنْ الزِّنَا مُطْلَقًا وَعَنْ ظُلْمِ الْخَلْقِ. وَكَذَلِكَ الزُّهْدُ الْمُشْتَرَكُ مِثْلَ الْإِمْسَاكِ عَنْ فُضُولِ الطَّعَامِ وَاللِّبَاسِ وَهَذَا الْقِسْمُ إنَّمَا عَبَّرَ أَهْلُ الْعَقْلِ بِاعْتِقَادِ حُسْنِهِ وَوُجُوبِهِ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ دُنْيَاهُمْ لَا تَتِمُّ إلَّا بِهِ وَكَذَلِكَ مَصْلَحَةُ دِينِهِمْ سَوَاءٌ كَانَ دِينًا صَالِحًا أَوْ فَاسِدًا. ثُمَّ هَذِهِ الطَّاعَاتُ وَالْعِبَادَاتُ الْعَقْلِيَّةُ قِسْمَانِ: