للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَدُهُمَا: مَا هُوَ نَوْعٌ وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ أَصْلًا كَالْعِلْمِ وَالصِّدْقِ وَهُمَا تَابِعَانِ لِلْحَقِّ الْمَوْجُودِ وَمِنْهَا مَا هُوَ جِنْسٌ تَخْتَلِفُ أَنْوَاعُهُ كَالْعَدْلِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالنُّسُكِ وَالزُّهْدِ وَالْوَرَعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْعَدْلُ فِي مِلَّةٍ وَسِيَاسَةٍ خِلَافَ الْعَدْلِ عِنْدَ آخَرِينَ كَقِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ مَثَلًا وَهَذِهِ الْأُمُورُ تَابِعَةٌ لِلْحَقِّ الْمَقْصُودِ. لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: النَّاسُ وَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُطَابِقًا لِلْمَعْلُومِ وَأَنَّ الْخَبَرَ مُطَابِقٌ لِلْمُخْبَرِ؛ لَكِنْ هُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي الْمُطَابَقَةِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا جِدًّا فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُعِدُّ مُطَابِقًا عِلْمًا وَصِدْقًا مَا يُعِدُّهُ الْآخَرُ مُخَالِفًا: جَهْلًا وَكَذِبًا؛ لَا سِيَّمَا فِي الْأُمُورِ الْإِلَهِيَّةِ فَكَذَلِكَ الْعَدْلُ هُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ؛ لَكِنْ يَخْتَلِفُونَ فِي الِاسْتِوَاءِ وَالْمُوَافَقَةِ وَالتَّمَاثُلِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْعِلْمِ وَالصِّدْقِ وَالْعَدْلِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ مُوَافَقَةٍ وَمُمَاثَلَةٍ وَاعْتِبَارٍ وَمُقَايَسَةٍ. لَكِنْ يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ فَيُقَالُ: هَذَا صَحِيحٌ؛ لَكِنَّ الْمُوَافَقَةَ الْعِلْمِيَّةَ والصدقية هِيَ بِحَسَبِ وُجُودِ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ الْحَقُّ الْمَوْجُودُ فَلَا يَقِفُ عَلَى أَمْرٍ وَإِرَادَةٍ وَأَمَّا الْمُوَافَقَةُ العدلية فَبِحَسَبِ مَا يَجِبُ قَصْدُهُ وَفِعْلُهُ وَهَذَا يَقِفُ عَلَى الْقَصْدِ وَالْأَمْرِ الَّذِي قَدْ يَتَنَوَّعُ بِحَسَبِ الْأَحْوَالِ. وَلِهَذَا لَمْ تَخْتَلِفْ الشَّرَائِعُ فِي جِنْسِ الْعِلْمِ وَالصِّدْقِ كَمَا اخْتَلَفَتْ فِي جِنْسِ الْعَدْلِ وَأَمَّا جِنْسُ الْعِبَادَاتِ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالنُّسُكِ وَالْوَرَعِ عَنْ