كَلَامٌ صَحِيحٌ: أَيْ مَنْ قَدَّرَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ سَعِيدًا يَكُونُ سَعِيدًا لَكِنْ بِالْأَعْمَالِ الَّتِي جَعَلَهُ يَسْعَدُ بِهَا وَالشَّقِيُّ لَا يَكُونُ شَقِيًّا إلَّا بِالْأَعْمَالِ الَّتِي جَعَلَهُ يَشْقَى بِهَا الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الِاتِّكَالُ عَلَى الْقَدَرِ وَتَرْكُ الْأَعْمَالِ الْوَاجِبَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَالْأَعْمَالُ لَا تُرَادُ لِذَاتِهَا بَلْ لِجَلْبِ السَّعَادَةِ وَدَفْعِ الشَّقَاوَةِ وَقَدْ سَبَقَنَا وُجُودُ الْأَعْمَالِ فَيُقَالُ لَهُ: السَّابِقُ نَفْسُ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ أَوْ تَقْدِيرُ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ عِلْمًا وَقَضَاءً وَكِتَابًا هَذَا مَوْضِعٌ يَشْتَبِهُ وَيَغْلَطُ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ حَيْثُ لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ ثُبُوتِ الشَّيْءِ فِي الْعِلْمِ وَالتَّقْدِيرِ وَبَيْنَ ثُبُوتِهِ فِي الْوُجُودِ وَالتَّحْقِيقِ. فَإِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْعِلْمُ بِهِ وَالْخَبَرُ عَنْهُ وَكِتَابَتُهُ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ دَاخِلًا فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ الْقَائِمَةِ بِهِ. وَلِهَذَا يَغْلَطُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَوَاهُ مَيْسَرَةُ قَالَ: {قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ متى كَنْت نَبِيًّا؟ وَفِي رِوَايَةٍ - مَتَى كُتِبْت نَبِيًّا؟ قَالَ: وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ} . فَيَظُنُّونَ أَنَّ ذَاتَه وَنُبُوَّتَهُ وُجِدَتْ حِينَئِذٍ وَهَذَا جَهْلٌ فَإِنَّ اللَّهَ إنَّمَا نَبَّأَهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ مِنْ عُمُرِهِ وَقَدْ قَالَ لَهُ: {بِمَا أَوْحَيْنَا إلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} وَقَالَ: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ {أَنَّ الْمَلَكَ قَالَ لَهُ: - حِينَ جَاءَهُ - اقْرَأْ فَقَالَ: لَسْت بِقَارِئِ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ -} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute