للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى إذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إلَى حَفْصَةَ فَأَرْسَلَ إلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفِ مِمَّا نَسَخُوا وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ. وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ عِنْدِ حَفْصَةَ هِيَ الَّتِي أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ فِيهَا لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَحَدِيثُهُ مَعْرُوفٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَكَانَتْ بِخَطِّهِ؛ فَلِهَذَا أَمَرَ عُثْمَانُ أَنْ يَكُونَ هُوَ أَحَدَ مَنْ يَنْسَخُ الْمَصَاحِفَ مِنْ تِلْكَ الصُّحُفِ وَلَكِنْ جَعَلَ مَعَهُ ثَلَاثَةً مِنْ قُرَيْشٍ لِيُكْتَبَ بِلِسَانِهِمْ فَلَمْ يَخْتَلِفْ لِسَانُ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارُ إلَّا فِي لَفْظِ (التابوه) و (التَّابُوتِ) فَكَتَبُوهُ (التَّابُوتَ) بِلُغَةِ قُرَيْشٍ. وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْمَصَاحِفَ الَّتِي نُسِخَتْ كَانَتْ مَصَاحِفَ مُتَعَدِّدَةً وَهَذَا مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ غَلَطَ مَنْ قَالَ فِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ: إنَّهُ غَلَطٌ مِنْ الْكَاتِبِ أَوْ نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ؛ فَإِنَّ هَذَا مُمْتَنِعٌ لِوُجُوهِ. مِنْهَا: تَعَدُّدُ الْمَصَاحِفِ وَاجْتِمَاعُ جَمَاعَةٍ عَلَى كُلِّ مُصْحَفٍ ثُمَّ وَصُولُ كُلِّ مُصْحَفٍ إلَى بَلَدٍ كَبِيرٍ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَعْتَبِرُونَ ذَلِكَ بِحِفْظِهِمْ وَالْإِنْسَانُ إذَا نَسَخَ مُصْحَفًا غَلِطَ فِي بَعْضِهِ عُرِفَ غَلَطُهُ بِمُخَالَفَةِ حِفْظِهِ الْقُرْآنَ وَسَائِرَ الْمَصَاحِفِ فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ