للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

قَوْلُهُ {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} . سَمَّى وَوَصَفَ نَفْسَهُ بِالْكَرَمِ وَبِأَنَّهُ الْأَكْرَمُ بَعْدَ إخْبَارِهِ أَنَّهُ خَلَقَ لِيَتَبَيَّنَ أَنَّهُ يُنْعِمُ عَلَى الْمَخْلُوقِينَ وَيُوصِلُهُمْ إلَى الْغَايَاتِ الْمَحْمُودَةِ كَمَا قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} وَكَمَا قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} وَكَمَا قَالَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} فَالْخَلْقُ يَتَضَمَّنُ الِابْتِدَاءَ وَالْكَرَمُ تَضَمَّنَ الِانْتِهَاءَ كَمَا قَالَ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ {رَبِّ الْعَالَمِينَ} ثُمَّ قَالَ {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وَلَفْظُ الْكَرَمِ لَفْظٌ جَامِعٌ لِلْمَحَاسِنِ وَالْمَحَامِدِ. لَا يُرَادُ بِهِ مُجَرَّدَ الْإِعْطَاءِ بَلْ الْإِعْطَاءُ مِنْ تَمَامِ مَعْنَاهُ فَإِنَّ الْإِحْسَانَ إلَى الْغَيْرِ تَمَامُ الْمَحَاسِنِ. وَالْكَرَمُ كَثْرَةُ الْخَيْرِ وَيَسْرَتُهُ. وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا تُسَمُّوا الْعِنَبَ الْكَرْمَ فَإِنَّمَا الْكَرْمُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ} .