للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَمَنْ عَدَلَ بِاَللَّهِ غَيْرَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ خَصَائِصِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَهُوَ مُشْرِكٌ؛ بِخِلَافِ مَنْ لَا يَعْدِلُ بِهِ وَلَكِنْ يُذْنِبُ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِأَنَّ اللَّهَ رَبُّهُ وَحْدَهُ وَخُضُوعُهُ لَهُ خَوْفًا مِنْ عُقُوبَةِ الذَّنْبِ فَهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ لَا يَعْتَرِفُ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ.

فَصْلٌ:

وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَمَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْأُمُورِ الْمُخْتَلِفَةِ فَإِنَّهُ يَجْمَعُ وَيُسَوِّي بَيْنَ الْأُمُورِ الْمُتَمَاثِلَةِ فَيَحْكُمُ فِي الشَّيْءِ خَلْقًا وَأَمْرًا بِحُكْمِ مِثْلِهِ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مُتَمَاثِلَيْنِ وَلَا يُسَوِّي بَيْنَ شَيْئَيْنِ غَيْرِ مُتَمَاثِلَيْنِ؛ بَلْ إنْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ لَمْ يُسَوِّ بَيْنَهُمَا. وَلَفْظُ " الِاخْتِلَافِ " فِي الْقُرْآنِ يُرَادُ بِهِ التَّضَادُّ وَالتَّعَارُضُ؛ لَا يُرَادُ بِهِ مُجَرَّدُ عَدَمِ التَّمَاثُلِ - كَمَا هُوَ اصْطِلَاحُ كَثِيرٍ مِنْ النُّظَّارِ - وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} وَقَوْلُهُ: {إنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ} {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} وَقَوْلُهُ: {وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ} . وَقَدْ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّ السُّنَّةَ لَا تَتَبَدَّلُ وَلَا تَتَحَوَّلُ فِي غَيْرِ