للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَمِلَ فِيهَا بِجَهْلِ فَهُوَ مِنْ الْفُجَّارِ الظَّالِمِينَ. إنَّمَا الضَّابِطُ قَوْله تَعَالَى {إنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} . وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ: فَوِلَايَةُ الْحَرْبِ فِي عُرْفِ هَذَا الزَّمَانِ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ وَالْمِصْرِيَّةِ تَخْتَصُّ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ الَّتِي فِيهَا إتْلَافٌ مِثْلَ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ وَعُقُوبَةِ الْمُحَارِبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَقَدْ يَدْخُلُ فِيهَا مِنْ الْعُقُوبَاتِ مَا لَيْسَ فِيهِ إتْلَافٌ؛ كَجَلْدِ السَّارِقِ. وَيَدْخُلُ فِيهَا الْحُكْمُ فِي الْمُخَاصَمَاتِ وَالْمُضَارَبَاتِ؛ وَدَوَاعِي التُّهَمِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا كِتَابٌ وَشُهُودٌ. كَمَا تَخْتَصُّ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ بِمَا فِيهِ كِتَابٌ وَشُهُودٌ وَكَمَا تَخْتَصُّ بِإِثْبَاتِ الْحُقُوقِ وَالْحُكْمِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ؛ وَالنَّظَرِ فِي حَالِ نُظَّارِ الْوُقُوفِ وَأَوْصِيَاءِ الْيَتَامَى وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ. وَفِي بِلَادٍ أُخْرَى كَبِلَادِ الْمَغْرِبِ: لَيْسَ لِوَالِي الْحَرْبِ حُكْمٌ فِي شَيْءٍ وَإِنَّمَا هُوَ مُنَفِّذٌ لِمَا يَأْمُرُ بِهِ مُتَوَلِّي الْقَضَاءِ؛ وَهَذَا اتَّبَعَ السُّنَّةَ الْقَدِيمَةَ؛ وَلِهَذَا أَسْبَابٌ مِنْ الْمَذَاهِبِ وَالْعَادَاتِ مَذْكُورَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

وَأَمَّا الْمُحْتَسِبُ فَلَهُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ مِمَّا لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِ الْوُلَاةِ وَالْقُضَاةِ وَأَهْلُ الدِّيوَانِ وَنَحْوُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ وُلَاةِ الْأُمُورِ فَمَنْ أَدَّى فِيهِ الْوَاجِبَ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ فِيهِ فَعَلَى الْمُحْتَسِبِ أَنْ يَأْمُرَ الْعَامَّةَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي مَوَاقِيتِهَا وَيُعَاقِبُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ بِالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ؛ وَأَمَّا الْقَتْلُ فَإِلَى غَيْرِهِ وَيَتَعَهَّدُ الْأَئِمَّةَ وَالْمُؤَذِّنِينَ؛