الْقَائِلُ تَارَةً يَقْصِدُ التَّحْدِيثَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَحْدَهُ أَوْ لِأَقْوَامِ مُعَيَّنِينَ هُوَ أَحَدُهُمْ؛ وَتَارَةً يَقْصِدُ التَّحْدِيثَ الْمُطْلَقَ لِكُلِّ مَنْ سَمِعَهُ مِنْهُ فَيَكُونُ هُوَ أَحَدَ السَّامِعِينَ؛ وَتَارَةً يَقْصِدُ تَحْدِيثَ غَيْرِهِ فَيَسْمَعُ هُوَ؛ فَفِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ إذَا قَالَ؛ سَمِعْت فُلَانًا يَقُولُ فَقَدْ أَصَابَ وَإِنْ قَالَ: حَدَّثَنَا أَوْ حَدَّثَنِي - وَكَانَ الْمُحَدِّثُ قَدْ قَصَدَ التَّحْدِيثَ لَهُ مُعَيَّنًا أَوْ مُطْلَقًا - فَقَدْ أَصَابَ كَمَا يَقُولُ الشَّاهِدُ فِيمَا أُشْهِدَ عَلَيْهِ مِنْ الْحُكْمِ وَالْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَاتِ: أَشْهَدَنِي وَأَشْهَدَنَا وَإِنْ كَانَ قَدْ قَصَدَ تَحْدِيثَ غَيْرِهِ فَسَمِعَ هُوَ فَهُوَ كَمَا لَوْ اسْتَرْعَى الشَّهَادَةَ غَيْرُهُ فَسَمِعَهَا فَإِنَّهُ تَصِحُّ الشَّهَادَةُ لَكِنْ لَفْظُ أَشْهَدَنِي وَحَدَّثَنَا فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَوْ قَالَ: حَدَّثَ وَأَنَا أَسْمَعُ كَانَ حَسَنًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُحَدِّثُ أَحَدًا وَإِنَّمَا سَمِعَهُ يَتَكَلَّمُ بِالْحَدِيثِ فَهُوَ يُشْبِهُ الشَّهَادَةَ مِنْ غَيْرِ اسْتِرْعَاءٍ وَيُشْبِهُ الشَّهَادَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْحُكْمِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِثْبَاتِ كَالسَّمْعِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ بِدُونِ التَّحْمِيلِ بِالِاتِّفَاقِ. وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى الإخبارات كَالشَّهَادَاتِ وَالْإِقْرَارَاتِ فَفِيهَا نِزَاعٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ وَبَابُ الرِّوَايَةِ أَوْسَعُ لَكِنْ لَيْسَ مَنْ قَصَدَ تَحْدِيثَ غَيْرِهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَكَلَّمَ لِنَفْسِهِ. فَإِنَّ الرَّجُلَ يَتَكَلَّمُ مَعَ نَفْسِهِ بِأَشْيَاءَ وَيَسْتَرْسِلُ فِي الْحَدِيثِ فَإِذَا عَرَفَ أَنَّ الْغَيْرَ يَتَحَمَّلُ ذَلِكَ تَحَفَّظَ؛ وَلِهَذَا كَانُوا لَا يَرْوُونَ أَحَادِيثَ الْمُذَاكَرَةِ بِذَاكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute