قَالَ بَعْضُ النَّاسِ إذَا كَانَ هَذَا الدُّعَاءُ قَدْ أُجِيبَ فَطَلَبُ مَا فِيهِ مِنْ بَابِ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ وَهَذَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَيَكُونُ هَذَا الدُّعَاءُ عِبَادَةً مَحْضَةً لَيْسَ الْمَقْصُودُ بِهِ السُّؤَالَ وَهَذَا الْقَوْلُ قَدْ قَالَهُ طَائِفَةٌ فِي جَمِيعِ الدُّعَاءِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ مُقَدَّرًا فَلَا حَاجَةَ إلَى سُؤَالِهِ وَطَلَبِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُقَدَّرٍ لَمْ يَنْفَعْ الدُّعَاءُ - دَعَوْت أَوْ لَمْ تَدْعُ - فَجَعَلُوا الدُّعَاءَ تَعَبُّدًا مَحْضًا كَمَا قَالَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ أُخْرَى فِي التَّوَكُّلِ. وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَؤُلَاءِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَذَكَرْنَا قَوْلَ مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ أَمَارَةً أَوْ عَلَامَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْوُجُودِ سَبَبٌ يُفْعَلُ بِهِ؛ بَلْ يَقْتَرِنُ أَحَدُ الْحَادِثَيْنِ بِالْآخَرِ قَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْقَدَرِيَّةِ النُّظَّارِ وَأَوَّلُ مَنْ عُرِفَ عَنْهُ ذَلِكَ الْجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ وَمَنْ وَافَقَهُ وَذَكَرْنَا أَنَّ " الْقَوْلَ الثَّالِثَ " هُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ أَنَّ الدُّعَاءَ وَالتَّوَكُّلَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ سَبَبٌ فِي حُصُولِ الْمَدْعُوِّ بِهِ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَالْمَعَاصِي سَبَبٌ وَأَنَّ الْحُكْمَ الْمُعَلَّقَ بِالسَّبَبِ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى وُجُودِ الشَّرْطِ وَانْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ فَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ حَصَلَ الْمُسَبَّبُ بِلَا رَيْبٍ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا الْكَلَامُ فِي الدُّعَاءِ الَّذِي قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ أُجِيبَ فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: هَذَا تَعَبُّدٌ مَحْضٌ لِحُصُولِ الْمَطْلُوبِ بِدُونِ دُعَائِنَا فَلَا يَبْقَى سَبَبًا وَلَا عَلَامَةً وَهَذَا ضَعِيفٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute