وَعَامَّةُ الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا يَتَوَضَّئُونَ بِالنِّيَّةِ وَالْوُضُوءُ الْخَالِي عَنْ النِّيَّةِ نَادِرٌ لَا يَقَعُ إلَّا لِمِثْلِ مَنْ أَرَادَ تَعْلِيمَ غَيْرِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَالْجُمْهُورُ يَقُولُونَ: هَذَا الْوُضُوءُ الَّذِي اعْتَادَهُ الْمُسْلِمُونَ هُوَ الْوُضُوءُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي تَصِحُّ بِهِ الصَّلَاةُ وَمَا سِوَى هَذَا لَا يَدْخُلُ فِي نُصُوصِ الشَّارِعِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ} فَإِنَّ الْمُخَاطَبِينَ لَا يَعْرِفُونَ الْوُضُوءَ الْمَأْمُورَ بِهِ إلَّا الْوُضُوءَ الَّذِي أَثْنَى عَلَيْهِ وَحَثَّ عَلَيْهِ وَغَيْرُ هَذَا لَا يَعْرِفُونَهُ فَلَا يَقْصِدُ إدْخَالَهُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ وَلَا يَتَنَاوَلُهُ النَّصُّ.
فَصْلٌ:
وَأَمَّا النِّيَّةُ الَّتِي هِيَ إخْلَاصُ الدِّينِ لِلَّهِ فَقَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي حَدِّهَا وَحَدِّ الْإِخْلَاصِ كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ: الْمُخْلِصُ هُوَ الَّذِي لَا يُبَالِي لَوْ خَرَجَ كُلُّ قَدْرٍ لَهُ فِي قُلُوبِ النَّاسِ مِنْ أَجْلِ صَلَاحِ قَلْبِهِ مَعَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يُحِبُّ أَنْ يَطَّلِعَ النَّاسُ عَلَى مَثَاقِيلِ الذَّرِّ مِنْ عَمَلِهِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِمْ الْحَسَنِ. لَكِنَّ كَلَامَهُمْ يَتَضَمَّنُ الْإِخْلَاصَ فِي سَائِرِ الْأَعْمَالِ وَهَذَا لَا يَقَعُ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ بَلْ لَا يَقَعُ مِنْ أَكْثَرِهِمْ بَلْ غَالِبُ الْمُسْلِمِينَ يُخْلِصُونَ لِلَّهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَعْمَالِهِمْ كَإِخْلَاصِهِمْ فِي الْأَعْمَالِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute