الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} إلَى قَوْلِهِ: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} . كَانَ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ يَزْعُمُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَلَّمَهُ مِنْ بَعْضِ الْأَعَاجِمِ الَّذِينَ بِمَكَّةَ إمَّا عَبْدٌ ابْنُ الْحَضْرَمِيِّ وَإِمَّا غَيْرُهُ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْمُفَسِّرُونَ فَقَالَ تَعَالَى: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إلَيْهِ} أَيْ يُضِيفُونَ إلَيْهِ التَّعْلِيمَ لِسَانٌ {أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يُعَلِّمَهُ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا الْكَلَامُ عَرَبِيٌّ؟ وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّك بِالْحَقِّ فَهَذَا بَيَانُ أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الْعَرَبِيَّ الَّذِي تَعَلَّمَهُ مَنْ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُحْدِثَ لِحُرُوفِهِ وَنَظْمِهِ؛ إذْ يُمْكِنُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ تَلَقَّى مِنْ الْأَعْجَمِيِّ مَعَانِيَهُ وَأَلَّفَ هُوَ حُرُوفَهُ وَبَيَانُ أَنَّ هَذَا الَّذِي تَعَلَّمَهُ مِنْ غَيْرِهِ نَزَلَ بِهِ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّك بِالْحَقِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ جَمِيعَهُ مُنَزَّلٌ مِنْ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمْ يُنَزِّلْ مَعْنَاهُ دُونَ حُرُوفِهِ. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ بَلَّغَ كَلَامَ غَيْرِهِ كَمَنْ بَلَّغَ كَلَامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ أَوْ أَنْشَدَ شِعْرَ غَيْرِهِ كَمَا لَوْ أَنْشَدَ مُنْشِدٌ قَوْلَ لَبِيَدِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute