للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يَخْلُقُهُ: فَفِيهِ لَهُ حِكْمَةٌ. فَهُوَ مَحْمُودٌ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ تِلْكَ الْحِكْمَةِ. وَالْجَهْمِيَّة أَيْضًا بِمَعْزِلِ عَنْ هَذَا. وَكَذَلِكَ الْقَدَرِيَّةُ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَا تَعُودُ الْحِكْمَةُ إلَيْهِ. بَلْ مَا ثُمَّ إلَّا نَفْعُ الْخَلْقِ. فَمَا عِنْدَهُمْ إلَّا شُكْرٌ كَمَا لَيْسَ عِنْدَ الْجَهْمِيَّة إلَّا قُدْرَةٌ. وَالْقُدْرَةُ الْمُجَرَّدَةُ عَنْ نِعْمَةٍ وَحِكْمَةٍ: لَا يَظْهَرُ فِيهَا وَصْفُ حَمَدٍ كَالْقَادِرِ الَّذِي يَفْعَلُ مَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا يَنْفَعُ بِهِ أَحَدًا. فَهَذَا لَا يُحْمَدُ. فَحَقِيقَةُ قَوْلِ الْجَهْمِيَّة أَتْبَاعِ جَهْمٌ: أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْحَمْدَ. فَلَهُ عِنْدُهُمْ مُلْكٌ بِلَا حَمْدٍ مَعَ تَقْصِيرِهِمْ فِي مَعْرِفَةِ مُلْكِهِ. كَمَا أَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ لَهُ عِنْدَهُمْ نَوْعٌ مِنْ الْحَمْدِ بِلَا مُلْكٍ تَامٍّ. إذْ كَانَ عِنْدَهُمْ يَشَاءُ مَا لَا يَكُونُ وَيَكُونُ مَا لَا يَشَاءُ. وَتَحْدُثُ حَوَادِثُ بِلَا قُدْرَتِهِ. وَعَلَى مَذْهَبِ السَّلَفِ: لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ تَامَّيْنِ. وَهُوَ مَحْمُودٌ عَلَى حِكْمَتِهِ كَمَا هُوَ مَحْمُودٌ عَلَى قُدْرَتِهِ وَرَحْمَتِهِ.