للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا السَّيِّئَةُ: فَهُوَ إنَّمَا يَخْلُقُهَا بِحِكْمَةِ. وَهِيَ بِاعْتِبَارِ تِلْكَ الْحِكْمَةِ مِنْ إحْسَانِهِ. فَإِنَّ الرَّبَّ لَا يَفْعَلُ سَيِّئَةً قَطُّ. بَلْ فِعْلُهُ كُلُّهُ حَسَنٌ وَحَسَنَاتٌ. وَفِعْلُهُ كُلُّهُ خَيْرٌ. وَلِهَذَا {كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي دُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْك. وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك} فَإِنَّهُ لَا يَخْلُق شَرًّا مَحْضًا. بَلْ كُلُّ مَا يَخْلُقُهُ: فَفِيهِ حِكْمَةٌ، هُوَ بِاعْتِبَارِهَا خَيْرٌ. وَلَكِنْ قَدْ يَكُونُ فِيهِ شَرٌّ لِبَعْضِ النَّاسِ. وَهُوَ شَرٌّ جُزْئِيٌّ إضَافِيٌّ. فَأَمَّا شَرٌّ كُلِّيٌّ، أَوْ شَرٌّ مُطْلَقٌ: فَالرَّبُّ مُنَزَّهٌ عَنْهُ. وَهَذَا هُوَ الشَّرُّ الَّذِي لَيْسَ إلَيْهِ. وَأَمَّا الشَّرُّ الْجُزْئِيُّ الْإِضَافِيُّ: فَهُوَ خَيْرٌ بِاعْتِبَارِ حِكْمَتِهِ. وَلِهَذَا لَا يُضَافُ الشَّرُّ إلَيْهِ مُفْرَدًا قَطُّ. بَلْ إمَّا أَنْ يَدْخُلَ فِي عُمُومِ الْمَخْلُوقَاتِ، كَقَوْلِهِ {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} . وَإِمَّا أَنْ يُضَافَ إلَى السَّبَبِ كَقَوْلِهِ {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} . وَإِمَّا أَنْ يُحْذَفَ فَاعِلُهُ، كَقَوْلِ الْجِنِّ {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} . وَهَذَا الْمَوْضِعُ ضَلَّ فِيهِ فَرِيقَانِ مِنْ النَّاسِ الْخَائِضِينَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَاطِلِ: