عَلَى النَّاسِ وَتَعْثُرُ بِهِ الْمَارَّة بِاللَّيْلِ وَالضَّرِيرُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَيَبْقَى عَلَى الدَّوَامِ فَرُبَّمَا ادَّعَى مِلْكَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَالسَّابِقُ أَحَقُّ بِهِ مَا دَامَ فِيهِ.
قُلْت: هَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا بَنَى الدَّكَّةَ لِنَفْسِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَوَّلُ الْكَلَامِ وَآخِرُهُ؛ وَلِهَذَا عُلِّلَ بِأَنَّهُ قَدْ يَدَّعِي أَنَّهَا مِلْكُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ تَعْلِيلَهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا يَكُونُ فِي مَظِنَّةِ الضَّرَرِ فَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ الْبِنَاءَ يُحَاذِي مَا عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ وَلَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ أَصْلًا فَهَذِهِ الْعِلَّةُ مُنْتَفِيَةٌ فِيهِ وَمُوجَبُ هَذَا التَّعْلِيلِ الْجَوَازُ إذَا انْتَفَتْ الْعِلَّةُ كَأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي. وَفِي الْجُمْلَةِ فِي جَوَازِ الْبِنَاءِ الْمُخْتَصِّ بِالْبَانِي الَّذِي لَا ضَرَرَ فِيهِ أَصْلًا بِإِذْنِ الْإِمَامِ قَوْلَانِ: وَنَظِيرُ هَذَا إذَا أَخْرَجَ رَوْشَنًا أَوْ مِيزَابًا إلَى الطَّرِيقِ النَّافِذِ وَلَا مَضَرَّةَ فِيهِ. فَهَلْ يَجُوزُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد: أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْبَرَكَاتِ. (وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ كَمَا اخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَد تَحْرِيمًا أَوْ تَنْزِيهًا وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ المرذوي فِي " كِتَابِ الْوَرَعِ " آثَارًا فِي ذَلِكَ. مِنْهَا مَا نَقَلَهُ المرذوي عَنْ أَحْمَد أَنَّهُ سَقَفَ لَهُ دَارًا وَجَعَلَ مِيزَابَهَا إلَى الطَّرِيقِ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: اُدْعُ لِي النَّجَّارَ حَتَّى يُحَوِّلَ الْمَاءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute