للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَتْ الْمَخْلُوقَاتُ فِي الْجَنَّةِ تُوَافِقُ الْمَخْلُوقَاتِ فِي الدُّنْيَا فِي الْأَسْمَاءِ وَالْحَقَائِقُ لَيْسَتْ مِثْلَ الْحَقَائِقِ فَكَيْفَ يَكُونُ الْخَالِقُ مِثْلَ الْمَخْلُوقِ إذَا وَافَقَهُ فِي الِاسْمِ. وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ وَأَخْبَرَ عَنْ الْإِنْسَانِ أَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ هَذَا وَأَخْبَرَ أَنَّهُ حَيٌّ وَعَنْ بَعْضِ عِبَادِهِ أَنَّهُ حَيٌّ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ هَذَا. وَأَخْبَرَ أَنَّهُ رَءُوفٌ رَحِيمٌ وَأَخْبَرَ عَنْ نَبِيِّهِ أَنَّهُ رَءُوفٌ رَحِيمٌ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ هَذَا. وَأَخْبَرَ أَنَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ وَأَخْبَرَ عَنْ بَعْضِ عِبَادِهِ بِأَنَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ هَذَا. وَسَمَّى نَفْسَهُ الْمَلِكَ وَسَمَّى بَعْضَ عِبَادِهِ الْمَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ هَذَا. وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَكَانَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا كَأَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ: مِثْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمْ عَلَى هَذَا إثْبَاتٌ بِلَا تَشْبِيهٍ وَتَنْزِيهٌ بِلَا تَعْطِيلٍ لَا يَقُولُونَ بِقَوْلِ أَهْلِ التَّعْطِيلِ نفاة الصِّفَاتِ وَلَا بِقَوْلِ أَهْلِ التَّمْثِيلِ الْمُشَبِّهَةِ لِلْخَالِقِ بِالْمَخْلُوقَاتِ فَهَذِهِ طَرِيقَةُ الرُّسُلِ وَمَنْ آمَنَ بِهِمْ. وَأَمَّا الْمُخَالِفُونَ لِلرُّسُلِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ - مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَأَشْبَاهِهِمْ فَيَصِفُونَ الرَّبَّ تَعَالَى " بِالصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ " لَيْسَ كَذَا لَيْسَ كَذَا لَيْسَ كَذَا وَلَا يَصِفُونَهُ بِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ الْإِثْبَاتِ بَلْ بِالسَّلْبِ الَّذِي يُوصَفُ بِهِ الْمَعْدُومُ فَيَبْقَى مَا ذَكَرُوهُ مُطَابِقًا لِلْمَعْدُومِ فَلَا يَبْقَى