للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا " الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى " فَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَصْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: الْفَرْقُ بَيْنَ خِطَابِ التَّكْوِينِ الَّذِي لَا يَطْلُبُ بِهِ سُبْحَانَهُ فِعْلًا مِنْ الْمُخَاطَبِ بَلْ هُوَ الَّذِي يُكَوِّنُ الْمُخَاطَبَ بِهِ وَيَخْلُقُهُ بِدُونِ فِعْلٍ مِنْ الْمُخَاطَبِ أَوْ قُدْرَةٍ أَوْ إرَادَةٍ أَوْ وُجُودٍ لَهُ وَبَيْنَ خِطَابِ التَّكْلِيفِ الَّذِي يَطْلُبُ بِهِ مِنْ الْمَأْمُورِ فِعْلًا أَوْ تَرْكًا يَفْعَلُهُ بِقُدْرَةِ وَإِرَادَةٍ - وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ جَمِيعُهُ بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ إذْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ - وَهَذَا الْخِطَابُ قَدْ تَنَازَعَ فِيهِ النَّاسُ هَلْ يَصِحُّ أَنْ يُخَاطَبَ بِهِ الْمَعْدُومُ بِشَرْطِ وُجُودِهِ أَمْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُخَاطَبَ بِهِ إلَّا بَعْدَ وُجُودِهِ؟ وَلَا نِزَاعَ بَيْنَهُمْ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ الْخِطَابِ إلَّا بَعْدَ وُجُودِهِ. وَكَذَلِكَ تَنَازَعُوا فِي الْأَوَّلِ هَلْ هُوَ خِطَابٌ حَقِيقِيٌّ أَمْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الِاقْتِدَارِ وَسُرْعَةِ التَّكْوِينِ بِالْقُدْرَةِ؟ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى السُّنَّةِ.

وَالْأَصْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمَعْدُومَ فِي حَالِ عَدَمِهِ هَلْ هُوَ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ فَإِنَّهُ قَدْ ذَهَبَ طَوَائِفُ مِنْ مُتَكَلِّمَةِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالشِّيعَةِ إلَى أَنَّهُ شَيْءٌ فِي الْخَارِجِ وَذَاتٌ وَعَيْنٌ. وَزَعَمُوا أَنَّ الْمَاهِيَّاتِ غَيْرُ مَجْعُولَةٍ وَلَا مَخْلُوقَةٍ وَأَنَّ وُجُودَهَا زَائِدٌ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَكَذَلِكَ ذَهَبَ إلَى هَذَا طَوَائِفُ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ والاتحادية وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمَلَاحِدَةِ.