للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِي السُّلُوكِ مَسَائِلُ تَنَازَعَ فِيهَا الشُّيُوخُ لَكِنْ يُوجَدُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى الصَّوَابِ فِي ذَلِكَ مَا يَفْهَمُهُ غَالِبُ السَّالِكِينَ فَمَسَائِلُ السُّلُوكِ مِنْ جِنْسِ مَسَائِلِ الْعَقَائِدِ كُلُّهَا مَنْصُوصَةٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْكَلَامِ لَمَّا أَعْرَضُوا عَنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَلَمَّا دَخَلُوا فِي الْبِدَعِ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ وَهَكَذَا طَرِيقُ الْعِبَادَةِ عَامَّةُ مَا يَقَعُ فِيهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ إنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ الْإِعْرَاضِ عَنْ الطَّرِيقِ الْمَشْرُوعِ فَيَقَعُونَ فِي الْبِدَعِ فَيَقَعُ فِيهِمْ الْخِلَافُ.

وَهَكَذَا الْفِقْهُ إنَّمَا وَقَعَ فِيهِ الِاخْتِلَافُ لِمَا خَفِيَ عَلَيْهِمْ بَيَانُ صَاحِبِ الشَّرْعِ وَلَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَقَعُ النِّزَاعُ فِي الدَّقِيقِ مِنْهُ وَأَمَّا الْجَلِيلُ فَلَا يَتَنَازَعُونَ فِيهِ. وَالصَّحَابَةُ أَنْفُسُهُمْ تَنَازَعُوا فِي بَعْضِ ذَلِكَ وَلَمْ يَتَنَازَعُوا فِي الْعَقَائِدِ وَلَا فِي الطَّرِيقِ إلَى اللَّهِ الَّتِي يَصِيرُ بِهَا الرَّجُلُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْأَبْرَارِ الْمُقَرَّبِينَ؛ وَلِهَذَا كَانَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ إذَا احْتَاجُوا فِي مَسَائِلِ الشَّرْعِ مِثْلَ مَسَائِلِ النِّكَاحِ وَالْفَرَائِضِ وَالطَّهَارَةِ وَسُجُودِ السَّهْوِ وَنَحْوِ ذَلِكَ قَلَّدُوا الْفُقَهَاءَ؛ لِصُعُوبَةِ أَخْذِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ النُّصُوصِ. وَأَمَّا مَسَائِلُ التَّوَكُّلِ وَالْإِخْلَاصِ وَالزُّهْدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهُمْ يَجْتَهِدُونَ فِيهَا فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُتَّبِعًا لِلرَّسُولِ أَصَابَ وَمَنْ خَالَفَهُ أَخْطَأَ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْبِدَعَ كَثُرَتْ فِي بَابِ الْعِبَادَةِ وَالْإِرَادَةِ أَعْظَمُ مِمَّا كَثُرَتْ فِي بَابِ الِاعْتِقَادِ وَالْقَوْلِ؛ لِأَنَّ الْإِرَادَةَ يَشْتَرِكُ النَّاسُ فِيهَا أَكْثَرَ مِمَّا