للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَبَيَّنَ لَهُ فِي آخِرِ عُمْرِهِ أَنْ لَوْ فَعَلَ غَيْرَ الَّذِي كَانَ فَعَلَهُ لَكَانَ هُوَ الْأَصْوَبَ وَلَهُ فَتَاوَى رَجَعَ بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ كَقَوْلِهِ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَإِنَّ لَهُ فِيهَا قَوْلَيْنِ " أَحَدُهُمَا " الْمَنْعُ مِنْ بَيْعِهِنَّ. " وَالثَّانِي " إبَاحَةُ ذَلِكَ. وَالْمَعْصُومُ لَا يَكُونُ لَهُ قَوْلَانِ مُتَنَاقِضَانِ؛ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا نَاسِخًا لِلْآخَرِ كَمَا فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السُّنَّةُ اسْتَقَرَّتْ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهَا بَعْدَهُ نَسْخٌ إذْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ وَقَدْ وَصَّى الْحَسَنُ أَخَاهُ الْحُسَيْنَ بِأَنْ لَا يُطِيعَ أَهْلَ الْعِرَاقِ وَلَا يَطْلُبَ هَذَا الْأَمْرَ وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمَا مِمَّنْ يَتَوَلَّاهُ وَيُحِبُّهُ وَرَأَوْا أَنَّ مَصْلَحَتَهُ وَمَصْلَحَةَ الْمُسْلِمِينَ أَلَّا يَذْهَبَ إلَيْهِمْ لَا يُجِيبُهُمْ إلَى مَا قَالُوهُ مِنْ الْمَجِيءِ إلَيْهِمْ وَالْقِتَالِ مَعَهُمْ؛ وَإِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْمَصْلَحَةَ لَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ وَلَكِنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَعَلَ مَا رَآهُ مَصْلَحَةً وَالرَّأْيُ يُصِيبُ وَيُخْطِئُ. وَالْمَعْصُومُ لَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يُخَالِفَهُ؛ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَالِفَ مَعْصُومًا آخَرَ؛ إلَّا أَنْ يَكُونَا عَلَى شَرِيعَتَيْنِ كَالرَّسُولَيْنِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ شَرِيعَتَهُمَا وَاحِدَةٌ. وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. " وَالْمَقْصُودُ " أَنَّ مَنْ ادَّعَى عِصْمَةَ هَؤُلَاءِ السَّادَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى وَالْجَنَّةِ: هُوَ فِي غَايَةِ الضَّلَالِ وَالْجَهَالَةِ وَلَمْ يَقُلْ هَذَا الْقَوْلَ مَنْ لَهُ فِي الْأُمَّةِ لِسَانُ صِدْقٍ؛ بَلْ وَلَا مَنْ لَهُ عَقْلٌ مَحْمُودٌ.