للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَنَّهُ إذَا تَوَجَّهَ الْمُسْتَشْفِعُ إلَى مَنْ يُعَظِّمُهُ مِنْ الْجَوَاهِرِ الْعَالِيَةِ كَالْعُقُولِ وَالنُّفُوسِ وَالْكَوَاكِبِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فَإِنَّهُ يَتَّصِلُ بِذَلِكَ الْمُعَظَّمِ الْمُسْتَشْفَعِ بِهِ فَإِذَا فَاضَ عَلَى ذَلِكَ مَا يَفِيضُ مِنْ جِهَةِ الرَّبِّ فَاضَ عَلَى هَذَا مِنْ جِهَةِ شَفِيعِهِ وَيُمَثِّلُونَهُ بِالشَّمْسِ إذَا طَلَعَتْ عَلَى مِرْآةٍ فَانْعَكَسَ الشُّعَاعُ الَّذِي عَلَى الْمِرْآةِ عَلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَأَشْرَقَ بِذَلِكَ الشُّعَاعِ فَذَلِكَ الشُّعَاعُ حَصَلَ لَهُ مِنْ مُقَابَلَةِ الْمِرْآةِ وَحَصَلَ لِلْمِرْآةِ بِمُقَابَلَةِ الشَّمْسِ.

وَيَقُولُونَ: إنَّ الْمَلَائِكَةَ هِيَ الْعُقُولُ الْعَشْرَةُ أَوْ الْقُوَى الصَّالِحَةُ فِي النَّفْسِ وَأَنَّ الشَّيَاطِينَ هِيَ الْقُوَى الْخَبِيثَةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا عُرِفَ فَسَادُهُ بِالدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ؛ بَلْ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِ الرَّسُولِ. فَإِذَا كَانَ شِرْكُ هَؤُلَاءِ وَكُفْرُهُمْ أَعْظَمَ مِنْ شِرْكِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَكُفْرِهِمْ فَأَيُّ كَمَالٍ لِلنَّفْسِ فِي هَذِهِ الْجَهَالَاتِ. وَهَذَا وَأَمْثَالُهُ مُفْتَقِرٌ إلَى بَسْطٍ كَثِيرٍ. وَالْمَقْصُودُ ذِكْرُ مَا ادَّعَوْا فِي الْبُرْهَانِ الْمَنْطِقِيِّ. وَأَيْضًا فَإِذَا قَالُوا: إنَّ الْعُلُومَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِالْبُرْهَانِ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُمْ قِيَاسٌ شُمُولِيٌّ وَعِنْدَهُمْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَضِيَّةٍ كُلِّيَّةٍ مُوجَبَةٍ؛ وَلِهَذَا قَالُوا إنَّهُ لَا نِتَاجَ عَنْ قَضِيَّتَيْنِ سَالِبَتَيْنِ وَلَا جُزْئِيَّتَيْنِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْقِيَاسِ لَا بِحَسَبِ صُورَتِهِ - كَالْحَمْلِيِّ وَالشَّرْطِيِّ الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْفَصِلِ - وَلَا بِحَسَبِ مَادَّتِهِ لَا الْبُرْهَانِيِّ وَلَا الْخَطَابِيِّ وَلَا الْجَدَلِيِّ بَلْ وَلَا الشِّعْرِيِّ.