للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَمَا أُخِذَتْ مِنْ مَعَادِنِ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ فَإِنَّ الْمُوَطَّأَ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ وَتَدَبَّرَ تَرَاجِمَهُ وَمَا فِيهِ مِنْ الْآثَارِ وَتَرْتِيبَهُ عَلِمَ قَوْلَ مَنْ خَالَفَهَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَقَصَدَ بِذَلِكَ التَّرْتِيبِ وَالْآثَارِ بَيَانَ السُّنَّةِ وَالرَّدَّ عَلَى مَنْ خَالَفَهَا وَمَنْ كَانَ بِمَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْعِرَاقِ أَعْلَمَ كَانَ أَعْلَمَ بِمِقْدَارِ الْمُوَطَّأِ؛ وَلِهَذَا كَانَ يَقُولُ: كِتَابٌ جَمَعْته فِي كَذَا وَكَذَا سَنَةٍ تَأْخُذُونَهُ فِي كَذَا وَكَذَا يَوْمًا كَيْفَ تَفْقَهُونَ مَا فِيهِ؟ أَوْ كَلَامًا يُشْبِهُ هَذَا. وَمَنْ خَالَفَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ يَجْعَلُونَ الرِّكَازَ اسْمًا يَتَنَاوَلُ الْمَعَادِنَ وَدَفْنَ الْجَاهِلِيَّةِ.

وَكَذَلِكَ أُمُورُ الْمَنَاسِكِ فَإِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَا يَرَوْنَ لِلْقَارِنِ أَنْ يَطُوفَ إلَّا طَوَافًا وَاحِدًا وَلَا يَسْعَى إلَّا سَعْيًا وَاحِدًا. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّهَا تُوَافِقُ هَذَا الْقَوْلَ. وَمَنْ صَارَ مِنْ الْكُوفِيِّينَ إلَى أَنْ يَطُوفَ أَوَّلًا ثُمَّ يَسْعَى لِلْعُمْرَةِ ثُمَّ يَطُوفَ ثَانِيًا وَيَسْعَى لِلْحَجِّ فَمُتَمَسِّكٌ بِآثَارِ مَنْقُولَةٍ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَهَذَا إنْ صَحَّ لَا يُعَارِضُ السُّنَّةَ الصَّحِيحَةَ. فَإِنْ قِيلَ: فَأَبُو حَنِيفَةَ يَرَى الْقِرَانَ أَفْضَلَ؛ وَمَالِكٌ يَرَى الْإِفْرَادَ