وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} فَإِنَّ قَتْلَهُمْ حَصَلَ بِأُمُورِ خَارِجَةٍ عَنْ قُدْرَتِهِمْ مِثْلَ إنْزَالِ الْمَلَائِكَةِ وَإِلْقَاءِ الرُّعْبِ فِي قُلُوبِهِمْ وَكَذَلِكَ الرَّمْيُ لَمْ يَكُنْ فِي قُدْرَتِهِ أَنَّ التُّرَابَ يُصِيبُ أَعْيُنَهُمْ كُلَّهُمْ وَيُرْعِبُ قُلُوبَهُمْ فَالرَّمْيُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ خَارِجًا عَنْ قُدْرَةِ الْعَبْدِ الْمُعْتَادِ هُوَ الرَّمْيُ الَّذِي نَفَاهُ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَا ظَفِرْت أَنْتَ وَلَا أَصَبْت وَلَكِنَّ اللَّهَ ظَفَرَك وَأَيَّدَك. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَا بَلَغَ رَمْيُك كَفًّا مِنْ تُرَابٍ أَوْ حَصًى أَنْ يَمْلَأَ عُيُونَ ذَلِكَ الْجَيْشِ الْكَثِيرِ إنَّمَا اللَّهُ تَوَلَّى ذَلِكَ. وَذَكَرَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: مَا رَمَيْت قُلُوبَهُمْ بِالرُّعْبِ إذْ رَمَيْت وُجُوهَهُمْ بِالتُّرَابِ. وَلِهَذَا كَانَ هَذَا أَمْرًا خَارِجًا عَنْ مَقْدُورِهِ فَكَانَ مِنْ آيَاتِ نُبُوَّتِهِ. وَقِيلَ بَلْ الرَّبُّ تَعَالَى لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى الْمَخْلُوقِ الْمُنْفَصِلِ لَا يَقُومُ بِهِ فِعْلٌ يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَالْعَبْدُ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى مَا يَقُومُ بِذَاتِهِ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ وَهَذَا قَوْلُ الْأَشْعَرِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ: كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَابْنِ عَقِيلٍ وَابْنِ الزَّاغُونِي وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: إنَّ الْعَبْدَ يَقْدِرُ عَلَى هَذَا وَهَذَا وَالرَّبُّ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى الْمُنْفَصِلِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ وَقِيلَ إنَّ كِلَيْهِمَا يَقْدِرُ عَلَى مَا يَقُومُ بِهِ دُونَ الْمُنْفَصِلِ وَمَا عَلِمْت أَحَدًا قَالَ: كِلَاهُمَا يَقْدِرُ عَلَى الْمُنْفَصِلِ دُونَ الْمُتَّصِلِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: أَنَّ الْقُدْرَةَ هِيَ قُدْرَتُهُ عَلَى الْفِعْلِ وَالْفِعْلُ " نَوْعَانِ ":
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute