للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كُلَّابٍ الْبَصْرِيِّ وَمَنْ اتَّبَعَهُ: كالقلانسي وَأَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ مَعْنًى قَائِمٌ بِذَاتِ اللَّهِ هُوَ الْأَمْرُ بِكُلِّ مَأْمُورٍ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَالْخَبَرُ عَنْ كُلِّ مُخْبَرٍ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ إنْ عُبِّرَ عَنْهُ بِالْعَرَبِيَّةِ كَانَ قُرْآنًا وَإِنْ عُبِّرَ عَنْهُ بِالْعِبْرِيَّةِ كَانَ تَوْرَاةً وَإِنْ عُبِّرَ عَنْهُ بالسريانية كَانَ إنْجِيلًا. وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْخَبَرُ لَيْسَتْ أَنْوَاعًا لَهُ يَنْقَسِمُ الْكَلَامُ إلَيْهَا وَإِنَّمَا كُلُّهَا صِفَاتٌ لَهُ إضَافِيَّةٌ كَمَا يُوصَفُ الشَّخْصُ الْوَاحِدُ بِأَنَّهُ ابْنٌ لِزَيْدِ وَعَمٌّ لِعَمْرِو وَخَالٌ لِبَكْرِ وَالْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ مَعْنًى وَاحِدٌ فِي الْأَزَلِ وَإِنَّهُ فِي الْأَزَلِ أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَخَبَرٌ كَمَا يَقُولُهُ الْأَشْعَرِيُّ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلْ يَصِيرُ أَمْرًا وَنَهْيًا عِنْدَ وُجُودِ الْمَأْمُورِ وَالْمَنْهِيِّ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هُوَ عِدَّةُ مَعَانٍ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْخَبَرُ وَالِاسْتِخْبَارُ. وَقَدْ أَلْزَمَ النَّاسُ أَصْحَابَ هَذَا الْقَوْلِ أَنْ يَجْعَلُوا الْعِلْمَ وَالْقُدْرَةَ وَالْإِرَادَةَ وَالْحَيَاةَ شَيْئًا وَاحِدًا فَاعْتَرَفَ مُحَقِّقُوهُمْ بِصِحَّةِ الْإِلْزَامِ.