الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى وَفِيهَا مَبْعَثُ أَنْبِيَاءَ بَنِي إسْرَائِيلَ وَإِلَيْهَا هِجْرَةُ إبْرَاهِيمَ وَإِلَيْهَا مَسْرَى نَبِيِّنَا وَمِنْهَا مِعْرَاجُهُ وَبِهَا مُلْكُهُ وَعَمُودُ دِينِهِ وَكِتَابِهِ وَطَائِفَةٌ مَنْصُورَةٌ مِنْ أُمَّتِهِ؛ وَإِلَيْهَا الْمَحْشَرُ وَالْمَعَادُ كَمَا أَنَّ مِنْ مَكَّةَ الْمَبْدَأُ. فَمَكَّةُ أُمُّ الْقُرَى مِنْ تَحْتِهَا دُحِيَتْ الْأَرْضُ وَالشَّامُ إلَيْهَا يُحْشَرُ النَّاسُ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} نَبَّهَ عَلَى الْحَشْرِ الثَّانِي فَمَكَّةُ مَبْدَأٌ وإيليا مَعَادٌ فِي الْخَلْقِ وَكَذَلِكَ فِي الْأَمْرِ فَإِنَّهُ أُسْرِيَ بِالرَّسُولِ مِنْ مَكَّةَ إلَى إيليا. وَمَبْعَثُهُ وَمَخْرَجُ دِينِهِ مِنْ مَكَّةَ وَكَمَالُ دِينِهِ وَظُهُورُهُ وَتَمَامُهُ حَتَّى مَمْلَكَةِ الْمَهْدِيِّ بِالشَّامِ فَمَكَّةُ هِيَ الْأَوَّلُ وَالشَّامُ هِيَ الْآخِرُ: فِي الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ فِي الْكَلِمَاتِ الْكَوْنِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ. وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ بِهَا طَائِفَةً مَنْصُورَةً إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ وَهِيَ الَّتِي ثَبَتَ فِيهَا الْحَدِيثُ فِي الصِّحَاحِ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ وَغَيْرِهِ: {لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ وَلَا مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ} وَفِيهِمَا عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: " وَهُمْ فِي الشَّامِ " وَفِي تَارِيخِ الْبُخَارِيِّ مَرْفُوعًا قَالَ: " وَهُمْ بِدِمَشْقَ " وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {لَا يَزَالُ أَهْلُ الْمَغْرِبِ ظَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ} قَالَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ: أَهْلُ الْمَغْرِبِ هُمْ أَهْلُ الشَّامِ وَهُمْ كَمَا قَالَ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ فِي سَائِرِ الْحَدِيثِ بَيَانَ أَنَّهُمْ أَهْلُ الشَّامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute