تَحْصُلُ لَهُ عُمْرَةٌ مُفْرَدَةٌ وَعُمْرَةٌ مَعَ حَجَّةٍ أَفْضَلِ مِمَّنْ لَا يَحْصُلُ لَهُ إلَّا عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ وَعُمْرَةُ تَمَتُّعٍ أَفْضَلُ مِنْ عُمْرَةٍ مَكِّيَّةٍ عَقِيبَ الْحَجِّ. فَهَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ عُمَرُ لِلنَّاسِ هُوَ الِاخْتِيَارُ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ: كَالْإِمَامِ أَحْمَد وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَكَذَلِكَ ذَكَرَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ. وَلَا يُعْرَفُ فِي اخْتِيَارِ ذَلِكَ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْأَفْضَلَ الْأَرْجَحَ وَكَانَ إنْ لَمْ يُؤْمَرْ النَّاسُ بِهِ زَهِدُوا فِيهِ وَأَعْرَضُوا عَمَّا هُوَ أَنْفَعُ لَهُمْ فِي دِينِهِمْ كَانَ مِنْ اجْتِهَادِ عُمَرُ وَنَظَرِهِ لِرَعِيَّتِهِ أَنَّهُ أَلْزَمَهُمْ بِذَلِكَ كَمَا يُلْزِمُ الْأَبُ الشَّفِيقُ وَلَدَهُ مَا هُوَ أَصْلَحُ لَهُ وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَهَذَا كَانَ مَوْضِعَ اجْتِهَادٍ خَالَفَهُ فِيهِ عَلِيٌّ وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَرَوْا أَنْ يُؤْمَرَ النَّاسُ بِذَلِكَ أَمْرًا بَلْ يُتْرَكُونَ مَنْ أَحَبَّ اعْتَمَرَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَمَنْ أَحَبَّ اعْتَمَرَ فِيهَا وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَكْمَلَ.
وَقَوِيَ النِّزَاعُ فِي ذَلِكَ فِي " خِلَافَةِ عُثْمَانُ " حَتَّى ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ عُثْمَانُ كَانَ يَنْهَى عَنْ الْمُتْعَةِ فَلَمَّا رَآهُ عَلِيٌّ أَهَلَّ بِهِمَا وَقَالَ: لَمْ أَكُنْ لِأَدَعَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ أَحَدٍ وَنَهْيُ عُثْمَانُ كَانَ لِاخْتِيَارِ الْأَفْضَلِ لَا نَهْيَ كَرَاهَةٍ. فَلَمَّا حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَ الْأُمَّةِ بِمَقْتَلِ عُثْمَانَ وَمَصِيرِ النَّاسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute