يُقَالَ: أَمِرُّوا لَفْظَهَا مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهَا غَيْرُ مُرَادٍ؛ أَوْ أَمِرُّوا لَفْظَهَا مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّ اللَّهَ لَا يُوصَفُ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ حَقِيقَةً وَحِينَئِذٍ فَلَا تَكُونُ قَدْ أُمِرَّتْ كَمَا جَاءَتْ وَلَا يُقَالُ حِينَئِذٍ بِلَا كَيْفٍ؛ إذْ نَفْيُ الْكَيْفِ عَمَّا لَيْسَ بِثَابِتِ لَغْوٌ مِنْ الْقَوْلِ.
وَرَوَى الْأَثْرَمُ فِي " السُّنَّةِ " وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ فِي " الْإِبَانَةِ " وَأَبُو عَمْرو الطلمنكي وَغَيْرُهُمْ بِإِسْنَادِ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الماجشون - وَهُوَ أَحَدُ " أَئِمَّةِ الْمَدِينَةِ الثَّلَاثَةِ " الَّذِينَ هُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَابْنُ الماجشون وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ - وَقَدْ سُئِلَ عَمَّا جَحَدَتْ بِهِ الْجَهْمِيَّة: " أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ فَهِمْت مَا سَأَلْت فِيمَا تَتَابَعَتْ الْجَهْمِيَّة وَمَنْ خَلْفَهَا فِي صِفَةِ " الرَّبِّ الْعَظِيمِ " الَّذِي فَاقَتْ عَظَمَتُهُ الْوَصْفَ وَالتَّدَبُّرَ وَكَلَّتْ الْأَلْسُنُ عَنْ تَفْسِيرِ صِفَتِهِ وَانْحَصَرَتْ الْعُقُولُ دُونَ مَعْرِفَةِ قُدْرَتِهِ وَرَدَّتْ عَظَمَتُهُ الْعُقُولَ فَلَمْ تَجِدْ مَسَاغًا فَرَجَعَتْ خَاسِئَةً وَهِيَ حَسِيرَةٌ. وَإِنَّمَا أُمِرُوا بِالنَّظَرِ وَالتَّفَكُّرِ فِيمَا خَلَقَ بِالتَّقْدِيرِ وَإِنَّمَا يُقَالُ " كَيْفَ " لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَرَّةً ثُمَّ كَانَ. فَأَمَّا الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ وَلَمْ يَزَلْ وَلَيْسَ لَهُ مِثْلٌ فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ إلَّا هُوَ. وَكَيْفَ يُعْرَفُ قَدْرَ مَنْ لَمْ يَبْدَأْ وَمَنْ لَا يَمُوتُ وَلَا يَبْلَى؟ وَكَيْفَ يَكُونُ لِصِفَةِ شَيْءٍ مِنْهُ حَدٌّ أَوْ مُنْتَهَى - يَعْرِفُهُ عَارِفٌ أَوْ يَحُدُّ قَدْرَهُ وَاصِفٌ؟ - عَلَى أَنَّهُ الْحَقُّ الْمُبِينُ لَا حَقَّ أَحَقُّ مِنْهُ وَلَا شَيْءَ أَبْيَنَ مِنْهُ. الدَّلِيلُ عَلَى عَجْزِ الْعُقُولِ عَنْ تَحْقِيقِ صِفَتِهِ عَجْزُهَا عَنْ تَحْقِيقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute