للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} وَزَعَمَ هَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ فَإِنَّهُ إلَهٌ مَعْبُودٌ؛ فَأَخْبَرَ - سُبْحَانَهُ - أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} فَأَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِعِبَادَتِهِ وَاجْتِنَابِ الطَّاغُوتِ. وَعِنْدَ هَؤُلَاءِ: أَنَّ الطَّوَاغِيتَ جَمِيعَهَا فِيهَا اللَّهُ أَوْ هِيَ اللَّهُ وَمَنْ عَبَدَهَا فَمَا عَبَدَ إلَّا اللَّهَ وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} الْآيَتَيْنِ. فَأَمَرَ سُبْحَانَهُ بِعِبَادَةِ الرَّبِّ الْخَالِقِ لِهَذِهِ الْآيَاتِ؛ وَعِنْدَ هَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةِ الْمَلَاعِينِ: هُوَ عَيْنُ هَذِهِ الْآيَاتِ وَنَهَى - سُبْحَانَهُ - أَنْ يَجْعَلَ النَّاسُ لَهُ أَنْدَادًا وَعِنْدَهُمْ هَذَا لَا يُتَصَوَّرُ فَإِنَّ الْأَنْدَادَ هِيَ عَيْنُهُ فَكَيْفَ يَكُونُ نِدًّا لِنَفْسِهِ؟ وَاَلَّذِينَ عَبَدُوا الْأَنْدَادَ فَمَا عَبَدُوا سِوَاهُ. ثُمَّ إنَّ هَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةَ: احْتَجُّوا بِتَسْمِيَةِ الْمُشْرِكِينَ لِمَا عَبَدُوهُ إلَهًا كَمَا قَالُوا {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إلَهًا وَاحِدًا} وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُمْ لَمَّا سَمَّوْهُمْ آلِهَةً كَانَتْ تَسْمِيَةُ الْمُشْرِكِينَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْإِلَهِيَّةَ ثَابِتَةٌ لَهُمْ. وَهَذِهِ الْحُجَّةُ: قَدْ رَدَّهَا اللَّهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ عَنْ هُودٍ فِي مُخَاطَبَتِهِ لِلْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمِهِ: {أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ} الْآيَةَ هَذَا رَدٌّ لِقَوْلِهِ: {أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ تَسْمِيَتَهُمْ إيَّاهَا آلِهَةً