للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِي السُّنَنِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ {كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ بِالْمَوْسِمِ فَيَقُولُ أَلَا رَجُلٌ يَحْمِلُنِي إلَى قَوْمِهِ لِأُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي فَإِنَّ قُرَيْشًا مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي} وَكَمَا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ إنَّهُ مَخْلُوقٌ فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إنَّهُ قَدِيمٌ لَمْ يَقُلْ وَاحِدًا مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَلَا مَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ " الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ " وَلَا غَيْرِهِمْ؛ بَلْ الْآثَارُ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ وَلَمَّا ظَهَرَ مَنْ قَالَ إنَّهُ مَخْلُوقٌ قَالُوا رَدًّا لِكَلَامِهِ: إنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَلَمْ يُرِيدُوا بِذَلِكَ أَنَّهُ مُفْتَرًى كَمَا ظَنَّهُ بَعْضُ النَّاسِ فَإِنَّ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَقُلْ إنَّهُ مُفْتَرًى بَلْ هَذَا كُفْرٌ ظَاهِرٌ يَعْلَمُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ وَإِنَّمَا قَالُوا إنَّهُ مَخْلُوقٌ خَلَقَهُ اللَّهُ فِي غَيْرِهِ فَرَدَّ السَّلَفُ هَذَا الْقَوْلَ كَمَا تَوَاتَرَتْ الْآثَارُ عَنْهُمْ بِذَلِكَ وَصَنَّفُوا فِي ذَلِكَ مُصَنَّفَاتٍ مُتَعَدِّدَةً وَقَالُوا: مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ. وَأَوَّلُ مَنْ عُرِفَ أَنَّهُ قَالَ مَخْلُوقٌ: الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ وَصَاحِبُهُ الْجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ وَأَوَّل مَنْ عُرِفَ أَنَّهُ قَالَ هُوَ قَدِيمٌ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كُلَّابٍ ثُمَّ افْتَرَقَ الَّذِينَ شَارَكُوهُ فِي هَذَا الْقَوْلِ. فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْكَلَامُ مَعْنًى وَاحِدٌ قَائِمٌ بِذَاتِ الرَّبِّ وَمَعْنَى الْقُرْآنِ كُلِّهِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَسَائِر كُتُبِ اللَّهِ وَكَلَامُهُ هُوَ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْوَاحِدُ الَّذِي لَا يَتَعَدَّدُ وَلَا يَتَبَعَّضُ وَالْقُرْآنُ الْعَرَبِيُّ لَمْ يَتَكَلَّمْ اللَّهُ بِهِ