كُلُّ أَب فَهُوَ أَصْلَحُ لِلْمُمَيِّزِ مِنْ الْأُمِّ وَلَا كُلُّ أُمٍّ هِيَ أَصْلَحُ لَهُ مِنْ الْأَبِ؛ بَلْ قَدْ يَكُونُ بَعْضُ الْآبَاءِ أَصْلَحَ وَبَعْضُ الْأُمَّهَاتِ أَصْلَحَ. وَقَدْ يَكُونُ الْأَبُ أَصْلَحَ فِي حَالٍ وَالْأُمُّ أَصْلَحَ فِي حَالٍ. فَلَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُعَيَّنَ أَحَدُهُمَا فِي هَذَا؛ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ فَإِنَّ الْأُمَّ أَصْلَحُ لَهُ مِنْ الْأَبِ؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ أَرْفَقَ بِالصَّغِيرِ وَأَخْبَرَ بِتَغْذِيَتِهِ وَحَمْلِهِ وَأَصْبَرَ عَلَى ذَلِكَ وَأَرْحَمَ بِهِ: فَهِيَ أَقْدَرُ. وَأَخْبَرُ وَأَرْحَمُ وَأَصْبَرُ: فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَعُيِّنَتْ الْأُمُّ فِي حَقِّ الطِّفْلِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِالشَّرْعِ. وَلَكِنْ يَبْقَى " تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ ": هَلْ عَيَّنَهُنَّ الشَّارِعُ؛ لِكَوْنِ قَرَابَةِ الْأُمِّ مُقَدَّمَةً عَلَى قَرَابَةِ الْأَبِ فِي الْحَضَانَةِ؟ أَوْ لِكَوْنِ النِّسَاءِ أَقْوَمَ بِمَقْصُودِ الْحَضَانَةِ مِنْ الرِّجَالِ فَقَطْ؟ وَهَذَا فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ. يَظْهَرُ أَمْرُهُمَا فِي تَقْدِيمِ نِسَاءِ الْعَصَبَةِ عَلَى أَقَارِبِ الْأُمِّ: مِثْلَ أُمِّ الْأُمِّ وَأُمِّ الْأَبِ. وَالْأُخْتِ مِنْ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ. وَمِثْلَ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ. هَذَا فِيهِ قَوْلَانِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد وَأَرْجَحُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْحُجَّةِ تَقْدِيمُ نِسَاءِ الْعَصَبَةِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الخرقي فِي " مُخْتَصَرِهِ " فِي الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ. وَعَلَى هَذَا أُمُّ الْأَبِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى أُمِّ الْأُمِّ. وَالْأُخْتُ مِنْ الْأَبِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأُخْتِ مِنْ الْأُمِّ. وَالْعَمَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْخَالَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَأَقَارِبُ الْأَبِ مِنْ الرِّجَالِ عَلَى أَقَارِبِ الْأُمِّ وَالْأَخُ لِلْأَبِ أَوْلَى مِنْ الْأَخِ لِلْأُمِّ وَالْعَمُّ أَوْلَى مِنْ الْخَالِ؛ بَلْ قَدْ قِيلَ: إنَّهُ لَا حَضَانَةَ لِلرِّجَالِ مِنْ أَقَارِبِ الْأُمِّ بِحَالِ وَالْحَضَانَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute