للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَكَرَ أَنَّهُ خَاطَبَ بِذَلِكَ بَعْضَ أَهْلِ التَّعْلِيمِ وَصَنَّفَ كِتَابًا فِي تَهَافُتِهِمْ وَبَيَّنَ كُفْرَهُمْ بِسَبَبِ مَسْأَلَةِ قِدَمِ الْعَالَمِ وَإِنْكَارِ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّاتِ وَإِنْكَارِ الْمُعَادِ؛ وَبَيَّنَ فِي آخِرِ كُتُبِهِ؛ أَنَّ طَرِيقَهُمْ فَاسِدَةٌ؛ لَا تُوصِلُ إلَى يَقِينٍ؛ وَذَمَّهَا أَكْثَرَ مِمَّا ذَمَّ طَرِيقَةَ الْمُتَكَلِّمِينَ. وَكَانَ أَوَّلًا يَذْكُرُ فِي كُتُبِهِ كَثِيرًا مِنْ كَلَامِهِمْ: إمَّا بِعِبَارَتِهِمْ؛ وَإِمَّا بِعِبَارَةِ أُخْرَى ثُمَّ فِي آخِرِ أَمْرِهِ بَالَغَ فِي ذَمِّهِمْ؛ وَبَيَّنَ أَنَّ طَرِيقَهُمْ مُتَضَمِّنَةٌ مِنْ الْجَهْلِ وَالْكُفْرِ مَا يُوجِبُ ذَمَّهَا وَفَسَادَهَا أَعْظَمَ مِنْ طَرِيقِ الْمُتَكَلِّمِينَ؛ وَمَاتَ وَهُوَ مُشْتَغِلٌ بِالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ. وَالْمَنْطِقُ الَّذِي كَانَ يَقُولُ فِيهِ مَا يَقُولُ؛ مَا حَصَلَ لَهُ مَقْصُودُهُ؛ وَلَا أَزَالَ عَنْهُ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ الشَّكِّ وَالْحِيرَةِ؛ وَلَمْ يُغْنِ عَنْهُ الْمَنْطِقُ شَيْئًا. وَلَكِنْ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ مِنْهُ فِي أَثْنَاءِ عُمُرِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ صَارَ كَثِيرٌ مِنْ النُّظَّارِ يُدْخِلُونَ الْمَنْطِقَ الْيُونَانِيَّ فِي عُلُومِهِمْ حَتَّى صَارَ مَنْ يَسْلُكُ طَرِيقَ هَؤُلَاءِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا طَرِيقَ إلَّا هَذَا وَإِنَّ مَا ادَّعَوْهُ مِنْ الْحَدِّ وَالْبُرْهَانِ هُوَ أَمْرٌ صَحِيحٌ مُسَلَّمٌ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مَا زَالَ الْعُقَلَاءُ وَالْفُضَلَاءُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ يَعِيبُونَ ذَلِكَ وَيَطْعَنُونَ فِيهِ. وَقَدْ صَنَّفَ نُظَّارُ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفَاتٍ مُتَعَدِّدَةً وَجُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ يَعِيبُونَهُ عَيْبًا مُجْمَلًا لِمَا يَرَوْنَهُ مِنْ آثَارِهِ وَلَوَازِمِهِ الدَّالَّةِ عَلَى مَا فِي أَهْلِهِ مِمَّا يُنَاقِضُ الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ وَيُفْضِي بِهِمْ الْحَالُ إلَى أَنْوَاعٍ مِنْ الْجَهْلِ وَالْكُفْرِ وَالضَّلَالِ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ مَا يَدَّعُونَهُ مِنْ تَوَقُّفِ كُلِّ مَطْلُوبٍ عَلَى مُقَدِّمَتَيْنِ لَا أَكْثَرَ