للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَيُقَالُ لَهُ: هِيَ الْآنَ شَجَرَةٌ قَطْعًا. وَأَمَّا إذَا قُلْتَ: قَدْ انْتَقَلَتْ كَمَا أَنَّ الْإِنْسَانَ يَكُونُ نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ لَحْمًا ثُمَّ يحيى فَبَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ حَيٌّ قَطْعًا وَإِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُمِيتَهُ أَمَاتَهُ؛ فَاَللَّهُ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى تَحْوِيلِ الْخَلْقِ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونُوا فِي كُلِّ وَقْتٍ عَلَى الْحَالِ الَّتِي خَلَقَهُمْ عَلَيْهَا. فَالسَّمَاءُ سَمَاءٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَخَلْقِهِ؛ وَالْإِنْسَانُ إنْسَانٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَخَلْقِهِ وَالْفَرَسُ فَرَسٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَخَلْقِهِ وَإِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُغَيِّرَ مَا شَاءَ غَيَّرَهُ بِمَشِيئَتِهِ إنْ شَاءَ وَقُدْرَتِهِ وَخَلْقِهِ. وَلَمْ يَجِئْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ اسْتِثْنَاءٌ فِي الْمَاضِي بَلْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَقَوْلِهِ: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} {إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} وَقَوْلِهِ: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إنْ شَاءَ اللَّهُ} وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ} وَقَوْلِهِ: {إنَّ سُلَيْمَانَ قَالَ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً تَأْتِي كُلُّ امْرَأَةٍ بِفَارِسِ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: قُلْ: إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَمْ يَقُلْ. فَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إلَّا امْرَأَةٌ جَاءَتْ بِشِقِّ وَلَدٍ قَالَ: فَلَوْ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَقَاتَلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعِينَ} وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ؛ فَإِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ} لِأَنَّ الْحَالِفَ يَحْلِفُ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ لَيَفْعَلَنَّ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ كَذَا أَوْ لَا يَفْعَلُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ كَذَا فَيَقُولُ إنْ شَاءَ اللَّهُ لِأَنَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ؛ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ وَقَعَ الْفِعْلُ كَانَ اللَّهُ شَاءَهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ لَمْ يَكُنْ اللَّهُ شَاءَهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَهُ إنْ أَشَاءَ اللَّهُ؛ فَإِذَا لَمْ يَشَأْهُ اللَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ الْتَزَمَهُ فَلَا يَحْنَثُ.