وَلَا يَدْعُو هُنَاكَ مُسْتَقْبِلَ الْحُجْرَةِ فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ. وَمَالِكٍ مِنْ أَعْظَمِ الْأَئِمَّةِ كَرَاهِيَةً لِذَلِكَ. وَالْحِكَايَةُ الْمَرْوِيَّةُ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ الْمَنْصُورَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْحُجْرَةَ وَقْتَ الدُّعَاءِ كَذِبٌ عَلَى مَالِكٍ. وَلَا يَقِفُ عِنْدَ الْقَبْرِ لِلدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ فَإِنَّ هَذَا بِدْعَةٌ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ يَقِفُ عِنْدَهُ يَدْعُو لِنَفْسِهِ وَلَكِنْ كَانُوا يَسْتَقْبِلُونَ الْقِبْلَةَ وَيَدْعُونَ فِي مَسْجِدِهِ {فإنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ} وَقَالَ: {لَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا وَلَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا وَصَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُمَا كُنْتُمْ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي} وَقَالَ: {أَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ. فَقَالُوا: كَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْك؟ وَقَدْ أَرِمْت أَيْ بَلِيتَ. قَالَ إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ} فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَسْمَعُ الصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ مِنْ الْقَرِيبِ وَأَنَّهُ يَبْلُغُهُ ذَلِكَ مِنْ الْبَعِيدِ. وَقَالَ: {لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا فَعَلُوا قَالَتْ عَائِشَةُ: وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَبْرَزَ قَبْرَهُ وَلَكِنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا} أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. فَدَفَنَتْهُ الصَّحَابَةُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ مِنْ حُجْرَةِ عَائِشَةَ وَكَانَتْ هِيَ وَسَائِرُ الْحُجَرِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ مِنْ قِبْلِيِّهِ وَشَرْقِيِّهِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عُمِّرَ هَذَا الْمَسْجِدُ وَغَيْرُهُ وَكَانَ نَائِبُهُ عَلَى الْمَدِينَةِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَمَرَ أَنْ تُشْتَرَى الْحُجَرُ وَيُزَادَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute