نَعَمْ قَدْ يَكُونُ فِي الْقُرْآنِ آيَاتٌ لَا يَعْلَمُ مَعْنَاهَا كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِمْ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي آيَةٍ مُعَيَّنَةٍ بَلْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا يَعْرِفُهُ هَذَا وَذَلِكَ تَارَةً يَكُونُ لِغَرَابَةِ اللَّفْظِ وَتَارَةً لِاشْتِبَاهِ الْمَعْنَى بِغَيْرِهِ وَتَارَةً لِشُبْهَةٍ فِي نَفْسِ الْإِنْسَانِ تَمْنَعُهُ مِنْ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ وَتَارَةً لِعَدَمِ التَّدَبُّرِ التَّامِّ وَتَارَةً لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ فَيَجِبُ الْقَطْعُ بِأَنَّ قَوْلَهُ: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} . أَنَّ الصَّوَابَ قَوْلُ مَنْ يَجْعَلُهُ مَعْطُوفًا وَيَجْعَلُ الْوَاوَ لِعَطْفِ مُفْرَدٍ عَلَى مُفْرَدٍ أَوْ يَكُونُ كِلَا الْقَوْلَيْنِ حَقًّا وَهِيَ قِرَاءَتَانِ وَالتَّأْوِيلُ الْمَنْفِيُّ غَيْرُ التَّأْوِيلِ الْمُثْبَتِ وَإِنْ كَانَ الصَّوَابُ هُوَ قَوْلُ مَنْ يَجْعَلُهَا وَاوَ اسْتِئْنَافٍ فَيَكُونُ التَّأْوِيلُ الْمَنْفِيُّ عِلْمُهُ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ هُوَ الْكَيْفِيَّاتُ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا غَيْرُهُ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ جَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أَنَا مِنْ الرَّاسِخِينَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ وَجَاءَ عَنْهُ أَنَّ الرَّاسِخِينَ لَا يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ. وَجَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: التَّفْسِيرُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: تَفْسِيرٌ تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ مِنْ كَلَامِهَا " وَتَفْسِيرٌ لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِجَهَالَتِهِ وَتَفْسِيرٌ يَعْلَمُهُ الْعُلَمَاءُ وَتَفْسِيرٌ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ مَنْ ادَّعَى عِلْمَهُ فَهُوَ كَاذِبٌ. وَهَذَا الْقَوْلُ يَجْمَعُ الْقَوْلَيْنِ وَيُبَيِّنُ أَنَّ الْعُلَمَاءَ يَعْلَمُونَ مِنْ تَفْسِيرِهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُمْ وَأَنَّ فِيهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ فَأَمَّا مَنْ جَعَلَ الصَّوَابَ قَوْلَ مَنْ جَعَلَ الْوَقْفَ عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا اللَّهُ وَجَعَلَ التَّأْوِيلَ بِمَعْنَى التَّفْسِيرِ فَهَذَا خَطَأٌ قَطْعًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute