الثَّالِثُ: شَرُّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَهُنَّ السَّوَاحِرُ اللَّوَاتِي يَتَصَوَّرْنَ بِأَفْعَالٍ فِي أَجْسَامٍ. وَالرَّابِعُ: الْحَاسِدُ وَهِيَ النُّفُوسُ الْمُضِرَّةُ سَفَهًا فَانْتَظَمَ بِذَلِكَ جَمِيعُ أَسْبَابِ الشُّرُورِ ثُمَّ خَصَّ فِي " سُورَةِ النَّاسِ " الشَّرَّ الصَّادِرَ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَهُمْ الْأَرْوَاحُ الْمُضِرَّةُ.
فَصْلٌ:
وَتَظْهَرُ الْمُنَاسِبَةُ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْمُسْتَعَاذَ مِنْهُ هُوَ الشَّرُّ كَمَا أَنَّ الْمَطْلُوبَ هُوَ الْخَيْرُ: إمَّا مِنْ فِعْلِ الْعَبْدِ وَإِمَّا مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ وَمَبْدَأُ فِعْلِهِ لِلشَّرِّ هُوَ الْوَسْوَاسُ الَّذِي يَكُونُ تَارَةً مِنْ الْجِنِّ وَتَارَةً مِنْ الْإِنْسِ وَحَسْمُ الشَّرِّ بِحَسْمِ أَصْلِهِ وَمَادَّتِهِ أَجْوَدُ مِنْ دَفْعِهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ فَإِذَا أُعِيذَ الْعَبْدُ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي الصُّدُورِ فَقَدْ أُعِيذَ مِنْ شَرِّ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ فَهَذَا فِي فِعْلِ نَفْسِهِ وَتَعُمُّ الْآيَةُ أَيْضًا فِعْلَ غَيْرِهِ لِسُوءِ مَعَهُ فَكَانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ لِلشَّرِّ الصَّادِرِ مِنْ الْعَبْدِ وَأَمَّا الشَّرُّ الصَّادِرُ مِنْ غَيْرِهِ فَسُورَةُ (الْفَلَقِ) فَإِنَّ فِيهَا الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ شَرِّ الْمَخْلُوقَاتِ عُمُومًا وَخُصُوصًا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
آخِرُ الْمُجَلَّدِ الْسَابِعِ عَشْرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute