للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُنَاسَبَةٌ لِلْأُخْرَى؛ إذْ جِنْسُ الشَّهْوَتَيْنِ وَاحِدٌ وَرَفْعُ دَرَجَتِهِ بِالتَّوْبَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي نَالَ بِهَا مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ لَهُ وَفَرَحِهِ بِهِ مَا نَالَ وَيُذْكَرُ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْبُكَاءِ وَالنَّدَمِ وَالْحُزْنِ مَا يُنَاسِبُ بَعْضُهُ بَعْضًا.

" وَالْخَلِيفَةُ " هُوَ مَنْ كَانَ خَلَفًا عَنْ غَيْرِهِ. فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ. كَانَ {النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا سَافَرَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ} وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا وَمَنْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرِ فَقَدْ غَزَا} وَقَالَ: {أَوَكُلَّمَا خَرَجْنَا فِي الْغَزْوِ خَلْفَ أَحَدِهِمْ وَلَهُ نَبِيبٌ كَنَبِيبِ التَّيْسِ يَمْنَحُ إحْدَاهُنَّ اللَّبِنَةَ مِنْ اللَّبِنِ لَئِنْ أَظْفَرَنِي اللَّهُ بِأَحَدِ مِنْهُمْ لَأَجْعَلَنَّهُ نَكَالًا} وَفِي الْقُرْآنِ: {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ} وَقَوْلُهُ: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ} .

وَالْمُرَادُ " بِالْخَلِيفَةِ " أَنَّهُ خَلَفَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنْ الْخَلْقِ. وَالْخَلْفُ فِيهِ مُنَاسَبَةٌ كَمَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ خَلَفَهُ عَلَى أُمَّتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَكَمَا {كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا سَافَرَ لِحَجِّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ غَزْوَةٍ يَسْتَخْلِفُ عَلَى الْمَدِينَةِ مَنْ يَكُونُ خَلِيفَةً لَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً} . فَيَسْتَخْلِفُ تَارَةً ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ وَتَارَةً غَيْرَهُ {وَاسْتَخْلَفَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ.} وَتُسَمَّى الْأَمْكِنَةُ الَّتِي يَسْتَخْلِفُ فِيهَا الْإِمَامُ " مَخَالِيفَ " مِثْلَ: مَخَالِيفِ الْيَمَنِ وَمَخَالِيفِ أَرْضِ الْحِجَازِ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: {حَيْثُ خَرَجَ مِنْ مِخْلَافٍ إلَى مِخْلَافٍ} وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ