فَصْلٌ:
قَالَ الرَّازِي: " الْحُجَّةُ الثَّالِثَةُ " قِصَّةُ الْخَلِيلِ: {لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} وَالْأُفُولُ عِبَارَةٌ عَنْ التَّغَيُّرِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُتَغَيِّرَ لَا يَكُونُ إلَهًا أَصْلًا. وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْأُفُولَ هُوَ التَّغَيُّرُ وَلَمْ يَذْكُرْ عَلَى ذَلِكَ حُجَّةً؛ بَلْ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا مُجَرَّدَ الدَّعْوَى.
الثَّانِي: أَنَّ هَذَا خِلَافَ إجْمَاعِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالتَّفْسِيرِ؛ بَلْ هُوَ خِلَافُ مَا عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ الدِّينِ؛ وَالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ لِلُّغَةِ وَالتَّفْسِيرِ. فَإِنَّ " الْأُفُولَ " هُوَ الْمَغِيبُ. يُقَالُ: أَفَلَتْ الشَّمْسُ تَأْفُلُ وَتَأْفِلُ أُفُولًا إذَا غَابَتْ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ قَطُّ إنَّهُ هُوَ التَّغَيُّرُ وَلَا إنَّ الشَّمْسَ إذَا تَغَيَّرَ لَوْنُهَا يُقَالُ إنَّهَا أَفَلَتْ وَلَا إذَا كَانَتْ مُتَحَرِّكَةً فِي السَّمَاءِ يُقَالُ إنَّهَا أَفَلَتْ وَلَا أَنَّ الرِّيحَ إذَا هَبَّتْ يُقَالُ إنَّهَا أَفَلَتْ وَلَا أَنَّ الْمَاءَ إذَا جَرَى يُقَالُ إنَّهُ أَفَلَ وَلَا أَنَّ الشَّجَرَ إذَا تَحَرَّكَ يُقَالُ إنَّهُ أَفَلَ وَلَا أَنَّ الْآدَمِيِّينَ إذَا تَكَلَّمُوا أَوْ مَشَوْا وَعَمِلُوا أَعْمَالَهُمْ يُقَالُ إنَّهُمْ أَفَلُوا؛ بَلْ وَلَا قَالَ أَحَدٌ قَطُّ إنَّ مَنْ مَرِضَ أَوْ اصْفَرَّ وَجْهُهُ أَوْ احْمَرَّ يُقَالُ إنَّهُ أَفَلَ. فَهَذَا الْقَوْلُ مِنْ أَعْظَمِ الْأَقْوَالِ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ وَعَلَى خَلِيلِ اللَّهِ وَعَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute