ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَد وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَقَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ - أَنَّ الْعِلْمَ وَالْعَقْلَ وَنَحْوَهُمَا يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ بَلْ وَكَذَلِكَ الصِّفَاتُ الَّتِي تَقُومُ بِغَيْرِ الْحَيِّ: كَالْأَلْوَانِ وَالطُّعُومِ وَالْأَرْوَاحِ. فَنَقُولُ أَوَّلًا الْإِرَادَةُ الْجَازِمَةُ هِيَ الَّتِي يَجِبُ وُقُوعُ الْفِعْلِ مَعَهَا إذَا كَانَتْ الْقُدْرَةُ حَاصِلَةً فَإِنَّهُ مَتَى وُجِدَتْ الْإِرَادَةُ الْجَازِمَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ التَّامَّةِ وَجَبَ وُجُودُ الْفِعْلِ لِكَمَالِ وُجُودِ الْمُقْتَضِي السَّالِمِ عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُقَاوِمِ وَمَتَى وُجِدَتْ الْإِرَادَةُ وَالْقُدْرَةُ التَّامَّةُ وَلَمْ يَقَعْ الْفِعْلُ لَمْ تَكُنْ الْإِرَادَةُ جَازِمَةً وَهُوَ إرَادَاتُ الْخَلْقِ لِمَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَفْعَالِ وَلَمْ يَفْعَلُوهُ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْإِرَادَاتُ مُتَفَاوِتَةً فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ تَفَاوُتًا كَثِيرًا؛ لَكِنْ حَيْثُ لَمْ يَقَعْ الْفِعْلُ الْمُرَادُ مَعَ وُجُودِ الْقُدْرَةِ التَّامَّةِ فَلَيْسَتْ الْإِرَادَةُ جَازِمَةً جَزْمًا تَامًّا. وَهَذِهِ " الْمَسْأَلَةُ " إنَّمَا كَثُرَ فِيهَا النِّزَاعُ؛ لِأَنَّهُمْ قَدَّرُوا إرَادَةً جَازِمَةً لِلْفِعْلِ لَا يَقْتَرِنُ بِهَا شَيْءٌ مِنْ الْفِعْلِ وَهَذَا لَا يَكُونُ. وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْعَزْمِ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ فَقَدْ يَعْزِمُ عَلَى الْفِعْلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَنْ لَا يَفْعَلُ مِنْهُ شَيْئًا فِي الْحَالِ وَالْعَزْمُ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا يَكْفِي فِي وُجُودِ الْفِعْلِ بَلْ لَا بُدَّ عِنْدَ وُجُودِهِ مِنْ حُدُوثِ تَمَامِ الْإِرَادَةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِلْفِعْلِ وَهَذِهِ هِيَ الْإِرَادَةُ الْجَازِمَةُ. وَ " الْإِرَادَةُ الْجَازِمَةُ " إذَا فَعَلَ مَعَهَا الْإِنْسَانُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَانَ فِي الشَّرْعِ بِمَنْزِلَةِ الْفَاعِلِ التَّامِّ: لَهُ ثَوَابُ الْفَاعِلِ التَّامِّ وَعِقَابُ الْفَاعِلِ التَّامِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute