للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غَيْرُهُ أَثْبَتَ الْمُغَايَرَةَ وَإِذَا أَثْبَتَ الْمُغَايَرَةَ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا فَبَيْنَ الْعَابِدِ وَالْمَعْبُودِ أَوْلَى وَأَحْرَى. وَإِنْ قَالَ: بَلْ هُوَ هُوَ - عُومِلَ مُعَامَلَةَ السوفسطائية فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ أَقْبَحِ السَّفْسَطَةِ. فَيُقَالُ: فَإِذَا كَانَ هُوَ هُوَ فَنَحْنُ نَضْرِبُك وَنَقْتُلُك وَالشَّيْءُ قَتَلَ نَفْسَهُ وَأَهْلَكَ نَفْسَهُ. وَالْإِنْسَانُ قَدْ يَظْلِمُ نَفْسَهُ بِالذُّنُوبِ فَيَقُولُ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} لِكَوْنِ نَفْسِهِ أَمَرَتْهُ بِالسُّوءِ وَالنَّفْسُ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ لَكِنَّ جِهَةَ أَمْرِهَا لَيْسَتْ جِهَةَ فِعْلِهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نَوْعِ تَعَدُّدٍ؛ إمَّا فِي الذَّاتِ وَإِمَّا فِي الصِّفَاتِ وَكُلُّ أَحَدٍ يَعْلَمُ بِالْحِسِّ وَالِاضْطِرَارِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي ظَلَمَ ذَاكَ لَيْسَ هُوَ إيَّاهُ وَلَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ الَّذِي ظَلَمَ نَفْسَهُ. وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الْمَخْلُوقِينَ: فَالْخَالِقُ أَعْظَمُ مُبَايَنَةً لِلْمَخْلُوقِينَ مِنْ هَذَا لِهَذَا. سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا. وَلَوْلَا أَنَّ أَصْحَابَ هَذَا الْقَوْلِ كَثُرُوا وَظَهَرُوا وَانْتَشَرُوا وَهُمْ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ سَادَاتُ الْأَنَامِ وَمَشَايِخُ الْإِسْلَامِ وَأَهْلُ التَّوْحِيدِ وَالتَّحْقِيقِ. وَأَفْضَلُ أَهْلِ الطَّرِيقِ حَتَّى فَضَّلُوهُمْ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَأَكَابِرِ مَشَايِخِ الدِّينِ: لَمْ يَكُنْ بِنَا حَاجَةٌ إلَى بَيَانِ فَسَادِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَإِيضَاحِ هَذَا الضَّلَالِ. وَلَكِنْ يَعْلَمُ أَنَّ الضَّلَالَ لَا حَدَّ لَهُ وَأَنَّ الْعُقُولَ إذَا فَسَدَتْ: لَمْ يَبْقَ لِضَلَالِهَا حَدٌّ مَعْقُولٌ فَسُبْحَانَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ نَوْعِ الْإِنْسَانِ؛ فَجَعَلَ مِنْهُ مَنْ هُوَ أَفْضَلَ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ مِنْهُ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْ الشَّيَاطِينِ وَلَكِنَّ تَشْبِيهَ هَؤُلَاءِ بِالْأَنْبِيَاءِ