للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَدْرِهِ قَالَ فِي " كِتَابِ السِّرِّ ": لَأَقُولَنَّ قَوْلًا لَمْ أَقُلْهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي عَلَانِيَةٍ. وَتَكَلَّمَ بِكَلَامِ مَضْمُونُهُ إنْكَارُهُ: إمَّا مُطْلَقًا؛ وَإِمَّا فِي الْحَضَرِ. وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: هَذَا ضَعْفٌ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَقُلْهُ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَانِيَةً. وَاَلَّذِينَ جَوَّزُوهُ مَنَعَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مِنْ الْمَسْحِ عَلَى الجرموقين الْمَلْبُوسَيْنِ عَلَى الْخُفَّيْنِ. وَالثَّلَاثَةُ مَنَعُوا الْمَسْحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ: فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا الْبَابَ مِمَّا هَابَهُ كَثِيرٌ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ حَيْثُ كَانَ الْغَسْلُ هُوَ الْفَرْضَ الظَّاهِرَ الْمَعْلُومَ؛ فَصَارُوا يُجَوِّزُونَ الْمَسْحَ حَيْثُ يَظْهَرُ ظُهُورًا لَا حِيلَةَ فِيهِ وَلَا يَطْرُدُونَ فِيهِ قِيَاسًا صَحِيحًا وَلَا يَتَمَسَّكُونَ بِظَاهِرِ النَّصِّ الْمُبِيحِ وَإِلَّا فَمَنْ تَدَبَّرَ أَلْفَاظَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْطَى الْقِيَاسَ حَقَّهُ: عَلِمَ أَنَّ الرُّخْصَةَ مِنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَاسِعَةٌ؛ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ وَمِنْ الْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ الَّتِي بُعِثَ بِهَا.

وَقَدْ كَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمْسَحُ عَلَى خِمَارِهَا فَهَلْ تَفْعَلُ ذَلِكَ بِدُونِ إذْنِهِ وَكَانَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَمْسَحَانِ عَلَى الْقَلَانِسِ؛ وَلِهَذَا جَوَّزَ أَحْمَد هَذَا وَهَذَا فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ؛ وَجَوَّزَ أَيْضًا الْمَسْحَ عَلَى الْعِمَامَةِ؛ لَكِنْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ رَأَى أَنَّ الْعِمَامَةَ الَّتِي لَيْسَتْ مُحَنَّكَةً الْمُتَقَطِّعَةَ: كَانَ أَحْمَد يَكْرَهُ لُبْسَهَا. وَكَذَا مَالِكٌ يَكْرَهُ لُبْسَهَا أَيْضًا لِمَا جَاءَ