للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" قُلْت ": وَقَدْ تَقَدَّمَ تَمَامُ الْكَلَامِ بِتَلَازُمِهِمَا وَإِنْ كَانَ مُسَمَّى أَحَدِهِمَا لَيْسَ هُوَ مُسَمَّى الْآخَرِ.

وَقَدْ حَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ إجْمَاعَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ. قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي " التَّمْهِيدِ ": أَجْمَعَ أَهْلُ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَلَا عَمَلَ إلَّا بِنِيَّةٍ وَالْإِيمَانُ عِنْدَهُمْ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ وَالطَّاعَاتُ كُلُّهَا عِنْدَهُمْ إيمَانٌ إلَّا مَا ذُكِرَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ الطَّاعَةَ لَا تُسَمَّى إيمَانًا قَالُوا إنَّمَا الْإِيمَانُ التَّصْدِيقُ وَالْإِقْرَارُ وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ الْمَعْرِفَةَ وَذَكَرَ مَا احْتَجُّوا بِهِ. . . إلَى أَنْ قَالَ: وَأَمَّا سَائِرُ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْآثَارِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِي وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْه وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ ودَاوُد ابْنُ عَلِيٍّ والطبري وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ؛ فَقَالُوا: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ وَهُوَ الْإِقْرَارُ وَاعْتِقَادٌ بِالْقَلْبِ وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ مَعَ الْإِخْلَاصِ بِالنِّيَّةِ الصَّادِقَةِ. قَالُوا: وَكُلُّ مَا يُطَاعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ مِنْ فَرِيضَةٍ وَنَافِلَةٍ فَهُوَ مِنْ الْإِيمَانِ وَالْإِيمَانُ يَزِيدُ بِالطَّاعَاتِ وَيَنْقُصُ بِالْمَعَاصِي وَأَهْلُ الذُّنُوبِ عِنْدَهُمْ مُؤْمِنُونَ غَيْرُ مُسْتَكْمِلِي الْإِيمَانِ مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّمَا صَارُوا نَاقِصِي الْإِيمَانِ بِارْتِكَابِهِمْ الْكَبَائِرَ. أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ} . الْحَدِيثُ يُرِيدُ مُسْتَكْمِلَ الْإِيمَانِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ نَفْيَ جَمِيعِ الْإِيمَانِ عَنْ فَاعِلِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى تَوْرِيثِ الزَّانِي وَالسَّارِقِ وَشَارِبِ الْخَمْرِ إذَا صَلَّوْا إلَى الْقِبْلَةِ وَانْتَحَلُوا دَعْوَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ قَرَابَاتِهِمْ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لَيْسُوا